الاثنين 24 فبراير 2025 م - 25 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

شراع : ترامب يهاجم زيلينسكي .. رسالة لمن يهمه الأمر

شراع : ترامب يهاجم زيلينسكي .. رسالة لمن يهمه الأمر
الأحد - 23 فبراير 2025 06:34 م

خميس بن حبيب التوبي

10


مَنْ يقف عِندَ الاتِّهامات الَّتي كالَها الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب ضدَّ نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ـ رغم شهور العسل الَّتي جمعتِ الأخيرَ بالرَّئيس الأميركي الزَّائل جو بايدن ـ لا بُدَّ له أنْ يقفَ عِندَ الحقيقة الثَّابتة وهي أن لا حليف ولا صديق للولايات المُتَّحدة سوى كيان الاحتلال الصُّهيوني، وما يجمع بَيْنَ الولايات المُتَّحدة وبقيَّة دوَل العالَم هو علاقات عامَّة وعلاقات مصالح ليس إلَّا، وإذا ما وجدتْ أميركا أنَّ مصلحتَها ضائعةٌ وغير متحقِّقة من وراء مَن يُقدِّم نَفْسَه حليفًا أو صديقًا لها تبيعُه في سُوق النِّخاسة بكُلِّ سهولة، ولا تلوي على شيء، وتُصبح ورقته محروقة، والتَّاريخ الحديث يشهد على ذلك بتقديمه نماذج، أقربها في فترة ما سُمِّي بـ»الرَّبيع العربي» حيثُ تصدَّرتْ المشهدَ أسماءٌ وشخصيَّات ثمَّ غادرته بعد فشلِها في إنجاز المصالح والأهداف والمُخطَّطات الأميركيَّة. وفي الحالة الأوكرانيَّة يُمكِن لأوروبا الَّتي انقادتْ خنوعًا وانصياعًا للأميركي أنْ تتضاعفَ فاتورتها الباهظة الَّتي كلَّفها الانسياق غير المُتعقِّل والمُتبصِّر وراء الأميركي، فتخسر ما ضخَّته من أموال هائلة وأسلحة، لدرجةٍ أنهكتْ خزينتَها وأفرَغَتْ مخازنَ أسلحتِها، بالإضافة إلى خسارتها الغاز الرُّوسي بسعره الرَّخيص في مقابل ما تتكلَّفه من أسعار لتأمين وصول الغاز الأميركي؛ أي أنَّ من الوارد أنْ تذهبَ كُلُّ الرِّهانات الَّتي بَنَتْ أوروبا عَلَيْها خنوعها مع الرِّيح وتَعُودُ من المعركة الدَّائرة بخُفَّي حُنَيْن.

وقال ترامب في منشور على وسائل التَّواصُل الاجتماعي: «يَجِبُ على الديكتاتور الَّذي حكَم بِدُونِ انتخابات، زيلينسكي، أنْ يتحركَ بسرعة وإلَّا لن تبقَى له دَولة». وأضاف ترامب أنَّ زيلينسكي «رُبَّما يريد أنْ يبقيَ قطار الأموال السَّهلة» مستمرًّا، في إشارة إلى المساعدات الأميركيَّة والدَّعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا خلال الحرب مع روسيا، الَّتي بدأتْ قَبل ثلاث سنوات تقريبًا.

وفي المنشور ذكَرَ ترامب أنَّ «الولايات المُتَّحدة أنفقتْ أكثر من (200) مليار دولار أكثر من أوروبا» لدعمِ أوكرانيا.

ووفقًا لمعهد «كيل»، أسهمَتْ أوروبا ككُلٍّ بمبلغ (138) مليار دولار في المساعدات الماليَّة والإنسانيَّة والعسكريَّة، مقارنةً بـ(119) مليار دولار من الولايات المُتَّحدة.

وبِغَضِّ النَّظر عن صِدق أو كَذبِ ما كالَه ترامب من اتِّهامات عنيفة ضدَّ نظيره الأوكراني لاحتمالِ أنَّ هذه الاتِّهامات مقصودة لذاتها لمغازلة الطَّرفِ الرُّوسي واستمالتِه وتليينِه للموافقة على أشياء بِعَيْنها، فإنَّ الرَّئيس ترامب يتصرَّف بعقليَّة التَّاجر المُحتكِر وغير السَّمح، وليس بعقليَّة السِّياسي المُحنَّك. وعَلَيْه، لا أحَد سيتفاجأ بأنَّ ترامب سيحصل على ما يريده من أوكرانيا تحديدًا، حيث سيكُونُ الحَلْبُ على أُصولِه، سواء لجهةِ سَعْيِ ترامب لاسترجاع الأموال الأميركيَّة الَّتي دُفِعتْ لِتَمويلِ الحرب في أوكرانيا، الَّتي قدَّرها بـ(200) مليار دولار، أو لجهةِ الاستيلاء على الثَّروات المعدنيَّة والطَّبيعيَّة.

تُوصَفَ الصَّداقة مع الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة بأنَّها عبءٌ وشَر، والعداوة معَها بأنَّها عبءٌ وشَر، وهذا الوصفُ هو حقيقةٌ كالشَّمس في رابعة النَّهار، حيث أدخلتْ واشنطن بالوكالة مَنْ تَصفُهم بالأصدقاء والحُلفاء مع مَنْ تَصفُهم بالأعداء في أُتون معاركها لِتجنيَ بعد ذلك الثِّمار بعد التَّضحيَّة بهم. لذلك الحكمة اليوم مطلوبة في التَّعامل مع القضايا الدَّاخليَّة والدّوليَّة، لا سِيَّما حين يكُونُ الرَّئيس في القوَّة العظمى كالمنشار «طالع يأكل نازل يأكل»، ولا يؤمن بالمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل والمنافع المشتركة كما هو حال دونالد ترامب.. وفي تقديري، طريقة تعامل ترامب مع زيلينسكي فيها رسالة واضحة لكُلِّ مَنْ يهمُّه الأمْر للمراجعة وأخْذِ العِبَر.. فالغربي عامَّة والأميركي خاصَّة ما هو إلَّا مُستعمِر ومُبتَز.

خميس بن حبيب التوبي

[email protected]