السبت 22 فبراير 2025 م - 23 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : شهادة دولية تعزز مكانة السياحة العمانية

الأربعاء - 19 فبراير 2025 06:35 م

رأي الوطن

30

لم يكُنْ إدراج سلطنة عُمان ضِمن قائمة أفضل الوجهات الشتويَّة لعام 2025، وفقَ تصنيف صحيفة The Sunday Times البريطانيَّة مُجرَّد مصادفة، بل هو انعكاس طبيعي لمكانتها المُتنامية كوجهة سياحيَّة عالَميَّة، تزاوج بَيْنَ الجَمال الطَّبيعي، والتَّاريخ العريق، والضِّيافة الأصيلة. فالسَّلطنة لم تعتمدْ على مواردها الطَّبيعيَّة فقط، بل بذلتْ جهودًا حثيثة على مدَى السَّنوات الماضية لِتَعزيزِ قِطاع السِّياحة عَبْرَ تطوير البنية الأساسيَّة السياحيَّة، وتحسين الخدمات، وتقديم تجربة سياحيَّة متكاملة تحافظ على الهُوِيَّة الثَّقافيَّة العُمانيَّة وتتماشَى مع معايير الاستدامة، وبَيْنَما تُسابق بعض الدوَل الزَّمن لجذبِ ملايين السيَّاح بأيِّ وسيلة، اختارت عُمان طريقًا أكثر تميُّزًا، يرتكز على السِّياحة النَّوْعيَّة الَّتي تمنح الزوَّار تجربةً ثريَّة، حيثُ يجد السَّائح نَفْسَه في تناغم مثالي بَيْنَ البيئة الطَّبيعيَّة الخلَّابة والموروث الحضاري العريق، في أجواءٍ تبعثُ على الرَّاحة والاسترخاء، يُكلِّلها كرَم الضِّيافة العُماني المشهود به.

يُضاف إلى هذا التَّميُّز المناخي الفريد، الَّذي يجعل السَّلطنة وجهةً مفضَّلة للسيَّاح خلال فصل الشِّتاء، حيثُ تتمتَّع بدرجات حرارة معتدلة تبلغ في المُتَوَسِّط (23) درجةً مئويَّة، ما يُتيح للزوَّار الاستمتاع بمختلف الأنشطة في الهواء الطَّلق دُونَ قُيود، فمن الجبال الشَّاهقة الَّتي تحتضن قُرى تراثيَّة خلَّابة ومزارع تمتدُّ على مدارج صخريَّة، إلى الصَّحارى الَّتي تُقدِّم تجربةً ساحرة وسط الرِّمال الذَّهبيَّة، وصولًا إلى الشَّواطئ الممتدَّة الَّتي تجذب عشَّاق الرِّياضات البحريَّة، يجد السَّائح في عُمان تنوُّعًا جغرافيًّا نادرًا يُلبِّي مختلف الأذواق، هذا التَّنوُّع لم يكُنْ لِيحقِّق نجاحه الحالي لولا التَّخطيط المدروس لاستغلالِه بشكلٍ مسؤول، حيثُ حرصتِ سلطنة عُمان على تطوير الوجهات السِّياحيَّة دُونَ الإضرار بالبيئة، من خلال إقامة منتجعات مستدامة، وتحسين البنية الأساسيَّة بما يَضْمن راحة الزوَّار، دُونَ المساس بجَمال الطَّبيعة أو الخصوصيَّة الثَّقافيَّة لكُلِّ منطقة.

لكن ما يجعلُ التَّجربة السِّياحيَّة في عُمان استثنائيَّة بحقٍّ، هو ارتباطها العميق بالعادات والتَّقاليد العُمانيَّة، الَّتي لا تزال حاضرةً في تفاصيل الحياة اليوميَّة، فمن الأسواق القديمة الَّتي تفوح بروائح اللُّبان والتَّوابل العُمانيَّة، إلى البيوت الطِّينيَّة والقلاع الشَّامخة الَّتي تَروي فصولًا من التَّاريخ، يشعُر السَّائح بأنَّه لا يزور مُجرَّد وجهة سياحيَّة، بل يدخل إلى عالَم أصيل ينبض بالحياة.. فهذه الهُوِيَّة الثَّقافيَّة لم تكُنْ لِتظلَّ متألِّقة لولا حرص السَّلطنة على إبرازها ضِمْن استراتيجيَّتها السِّياحيَّة، حيثُ تمَّ توظيف التُّراث كعنصر جذب سياحي يُعزِّز تجربة الزوَّار، بدلًا من أنْ يكُونَ مُجرَّد مظهرٍ شَعبي (فلكلوري) هامشي. كما أنَّ الضِّيافة العُمانيَّة، المعروفة بكرَمِها الفطري، تُضيف بُعدًا آخر لهذه التَّجربة، حيثُ يشعُر السَّائح بترحيبٍ حقيقي يجعله يَعُودُ مرَّةً أخرى بحثًا عن الأجواء الدَّافئة الَّتي تمتزج فيها الحفاوة بالرَّفاهيَّة.

إنَّ إدراك عُمان لأهميَّة السِّياحة كمحرِّك اقتصادي دفعَها إلى تَبنِّي سياسات متوازنة تهدف إلى تحقيق نُموٍّ مستدام في القِطاع، من خلال التَّوَسُّع في مشاريع البنية الأساسيَّة، وتعزيز الاستثمار في المنشآت السِّياحيَّة الَّتي تحترم الطَّابع البيئي والثَّقافي، وتكثيف جهود التَّرويج للسَّلطنة كوجهةٍ مفضَّلة على الخريطة العالَميَّة، وبَيْنَما تواصلُ بعض الدوَل التَّركيز على الكمِّ في استقطاب السيَّاح، تَسير عُمان بخُطًى ثابتة نَحْوَ نموذج سياحي أكثر استدامة، يُراعي الجودة والتَّجربة الفريدة، ما يُعزِّز مكانتها كوجهةٍ لا تُنسى للمسافرِين الباحثِين عن الدِّفء الشِّتوي، وجَمال الطَّبيعة، وثراء التَّاريخ، وصِدق الضِّيافة.. وبهذا النَّهج المتكامل، لا تكتفي السَّلطنة بكونها وجهةً سياحيَّة موسميَّة، بل تكرِّس مكانتها كواحدة من أهمِّ الوجهات الَّتي تُعِيدُ تعريف مفهوم السِّياحة الفاخرة الأصيلة، حيثُ الجَمال والتَّاريخ والإنسان في تناغمٍ لا مثيل له.