السبت 22 فبراير 2025 م - 23 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

شمال الضفة الغربية فـي المهداف «الإسرائيلي»

شمال الضفة الغربية فـي المهداف «الإسرائيلي»
الأربعاء - 19 فبراير 2025 01:35 م

علي بدوان

170

مع أنَّ اندلاق شهيَّة الضمِّ والعدوان «الإسرائيلي» تتناول كُلَّ الضفَّة الغربيَّة (الَّتي يُطلق عَلَيْها الاحتلال مُسمَّى يهودا والسَّامرة)ـ إلَّا أنَّ شمال الضفَّة الغربيَّة باتَ خلال الأشْهُر الخيِّرة على رأس الأهداف «الإسرائيليَّة»، وتحديدًا مدينتَي جنين وطولكرم وريفهما ومُخيَّماتهماـ الَّتي باتتْ مستباحةً يوميًّا بالعدوان «الإسرائيلي» الَّذي لم يتوانَ عن استخدام (المُسيّرات المقنبلة بإلقائها على سكَّان وقُرى جنين وطولكرم).

ففي 21 كانون الثَّاني/يناير الماضي، بدأ الاحتلال «الإسرائيلي» عمليًّا عدوانًا عسكريًّا واسعًا على شمال الضفَّة الغربيَّة، استهلَّه بمدينة جنين ومُخيَّمها وبلدات في محيطهما. ووسع الاحتلال عدوانه إلى مدينة طولكرم ومُخيَّمها في الـ(27) من الشَّهر نَفْسه، قَبل أن يقتحمَ بلدة (طمون) ومُخيَّم الفارعة التَّابع بمنطقة (طوباس)، وبلدة (سيلة الحارثيَّة) غرب مدينة جنين. ولا ننسَى أنَّ الاحتلالَ، دمَّر أيضًا عشرات المنازل الَّتي اقتحمها في مدينة نابلس، في محيط مُخيَّمي عسكر وبلاطة شرق نابلس، تزامنًا مع استمرار عدوانه في جنين وطولكرم فنابلس أيضًا ومعها مُخيَّماتها تحت المهداف «الإسرائيلي».

لقَدْ اقتحمتْ قوَّات الاحتلال مُدُنًا وبلدات في الضفَّة الغربيَّة، وشنَّتْ حملة اعتقالات، وتزامَن ذلك مع اشتباكات تمَّ فرضها الفصائل الفلسطينيَّة المختلفة مع قوَّات الاحتلال في مناطق مختلفة، وبخاصَّة في طولكرم وجنين، فيما أكَّدت وكالة «أونروا» أنَّ الوقائع أفضتْ إلى «تهجير نَحْوِ أربعين ألف لاجئ قسرًا من شمال الضفَّة الغربيَّة»ـ وتحديدًا من مُخيَّمات: جنين، نور شمس، الفارعة ـ حيث اقتحمتْ «قوَّات إسرائيليَّة» كبيرة مُعزِّزة بجرَّافات ضخمة (من نَوع دي 9) تلك المُخيَّمات، وفرضتْ عَلَيْها الحصار من عدَّة اتِّجاهات. ودمَّرتْ نَحْوَ (470) منشأةً ومنزلًا تعرَّضتْ للدَّمار الكُلِّي أو الجزئي جرَّاء القصف والتَّدمير المستمر، وسط حصار ومداهمات للمنازل، وتهجير قسريّ، تخلَّلته الاعتقالات. عدا عن انقِطاع كامل للمياه والكهرباء، ونقص حادٍّ في الطَّعام والاحتياجات الأساسيَّة، خصوصًا للأطفال، كما أنَّ المدارس والخدمات الصحيَّة توقَّفتْ تمامًا. كما أنَّ قوَّات الاحتلال دأبتْ على منعِ وصول المياه إلى أربعة مشافٍ رئيسة شمال الضفَّة، ما يحرم (35%) من أهالي مدينة جنين من المياه، ويزيد من معاناة الأهالي ويجعلهم عرضة لكارثة صحيَّة.

بالنَّتيجة، تمَّ عمليًّا تهجير جزء من الشَّعب الفلسطيني من مُخيَّمات وأرياف شمال الضفَّة الغربيَّة، في سياق العمليَّة المديدة الَّتي يسعى الاحتلال من خلالها لابتلاع أجزاء واسعة نسبيًّا من الضفَّة الغربيَّة، لضمِّها وتهويدها.

وفي هذا السِّياق، من سُلوك الاحتلال، ومشروعه المُتعلق بشمال الضفَّة الغربيَّة وصولًا إلى كُلِّ الضفَّة الغربيَّة حتَّى منطقة الغوار الفاصلة بَيْنَ الأردن وفلسطين، أجبرت قوَّات الاحتلال، أعداد من العائلات الفلسطينيَّة إضافةً إلى الأربعين ألفًا الَّذين هجرتهم، على الخروج من منازلها في المُخيَّم، وحوَّلتها إلى ثكنات عسكريَّة، تزامنًا تجريف الشَّوارع وإغلاق مداخل مُخيَّمات الشَّمال. إنَّ العدوان على مُخيَّمات شمال الضفَّة الغربيَّة وريفها، وتحديدًا جنين وطولكرم ما زال قائمًا حتَّى الآن، وكُلُّ مُساعي الاحتلال تَصبُّ باتِّجاه إحداث تحوُّل سكَّاني، من الشَّمال إلى مناطق مختلفة من الضفَّة الغربيَّة، حتَّى التَّهجير إلى الأردن على مدَيات زمنيَّة معيَّنة.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك

[email protected]