أتوقع أن يحدث أي شيء وكل شيء في هذا العالم، ولكنني لم أتوقع ولو في الهذيان أن يأتي شخص ويقول إنه سيسيطر على بلادٍ ليست له وأن يُهجّر سكانها وأن يحولها إلى ريفيرا الشرق الأوسط ، تلك البلاد التي قُصفت بصواريخه وقنابله، لتُذكّر الناظر إليها عبر الشاشات بيوم القيامة وأنه آتٍ، ريفيرا الشرق الأوسط سماد أشجارها أجساد الشهداء القتلى، وتسقى بدمائهم، سيستمتع سكان الريفيرا هذه بموسيقى صراخ وأنين الأرامل والأيتام، بهذا ستتميز هذه الريفيرا المنتظرة عن نظيراتها منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها من ريفيراتٍ وغيرها .
هذا السبي إن تم، ليس تحديا للقوانين والقيم الإنسانية، بل يعني أنه لم تكن ثمة قوانين وقيم، وأنها لم تكن كذبة صدقناها ونعرف أنها كذبة، فأي دين أو ملة تقول أو ترضى بهذا، يعكس هذا التصريح النظرة الـ ( ما تحت ) الدونية لنا، فهل من المنطق والعقلانية أن يتم التصريح بهذا في وعن بلادٍ تعرضت لهجوم يوصف بالبربري والوحشي في أفضل وصفٍ له، بلد لم يخلو بيت فيه من قتيل أو جريح أو يتيم، إن تبقى بيتٍ فيها . وإذا حدث هذا المخطط ، فلا يعني أننا خُنا الحاضر، بل خنا ماضينا ومستقبلنا، وليس علينا أن نتباكى بعدها أمام أبنائنا وأحفادنا، بل أن نقتلع أعيننا حفاظاً على ما تبقى من كرامة .
تتكلم الألسن، وتقول الحكاية، إن المستهدف ليس قطاع غزة وحده، وليست فلسطين وليس كذبة السلام، بل الشرق الأوسط، وليس الحاضر فقط، بل الماضي والمستقبل عبر إعادة تشكيلهما، هذا هو الشرق الأوسط الذي يريدون، ولن نستبعد أن نرى إسرائيل عضواً في جامعة الدول العربية وأمينها العام إسرائيلي.
تتشكل ملامح قاتمة للمنطقة والمستقبل ضبابي لا يمكن رؤيته إن لم نفتح أعيننا جيداً، فهذا التصريح إن كنا نسمعه لأول مرة، ألا أنه مخطط له منذ سنواتٍ وسنوات، ليس وليد التو واللحظة بل وليد الثروات التي تزخر بها غزة، وليد الأطماع الإستعمارية للمنطقة مستغلين حالة الضعف العربي . على العرب أن يخجلوا من أعين الشهداء ودموع الأيتام برفض هذا المخطط بكل عزم شديد، وإلا فإن المستقبل عليه السلام والختام، وفي الأخير أقول، لا نريد هذه الريفيرا، نريد الصلاة في الأقصى الشريف، نريد فلسطين حرةً أبية .
ناصر المنجي
كاتب عماني
