الأربعاء 12 فبراير 2025 م - 13 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

بين أحلام ترامب ومستقبل نتنياهو

بين أحلام ترامب ومستقبل نتنياهو
الاثنين - 10 فبراير 2025 02:08 م
10

هكذا تبدو صورة الشَّرق الأوسط من بعيد، كما يريد الرجلان أن يسمِّياها ويُقدِّماها للعالَم، وبها يرهن مستقبلهما ومسار حياتهما السِّياسي.

ورغم الوعود الورديَّة الَّتي أطلقها ترامب لتهجير فلسطينيي غزَّة إلى أماكن أكثر أمنًا واستقرارًا كما يزعم، فيما وجد نتنياهو في المقترح الأميركي فرصة ومناسبة لتثبيتِ مركزه في معادلة الحُكم على حساب مناوئيه داخل «إسرائيل».

وغزَّة ـ كما يراها العالَم ـ باتتْ تائهة بَيْنَ أحلام ترامب ومستقبل نتنياهو وريفييرا الشَّرق. كما وصفَها كاتب يسوِّقها ترامب ويقدِّمها للعالَم كحلٍّ سحري لمأساة شَعب تحوَّلت فيه الخيمة إلى وطن من دون أن يرنو إلى خارج أرضه، ويتطلع لليوم الَّذي يستردُّ فيه حقوقه المشروعة في إقامة دَولته المستقلَّة والقابلة للحياة.

إنَّ اتِّساعَ دائرة الرَّافضين لمقترح تهجير فلسطينيي غزَّة إلى أوطان بديلة ـ بزعم بناء وإعمار غزَّة ـ تؤكد على أنَّ العالَمَ ينظر لهذا المقترح بأنَّه تطهير عِرقي وفاقد للشرعيَّة، وغير قابل للنقاش ومصيره الفشل.

وإذا كان الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب حريصًا على غزَّة وأهلها فلماذا لم يمنعْ حليفه من تدميرها وقتلِ شَعبها وتحويلها إلى ركام، وهي جريمة مكتملة الأركان نفَّذها الكيان الصهيوني بحقِّ شَعبٍ يقاوم ببسالة مُخطَّطات التَّهجير الهمجي، ومتمسِّك بأرضه ويرفض مغادرتها؟

لقَدْ حاول ترامب في فِرْيته أن يوهمَ العالَم بأنَّه يسعَى للسَّلام وإطفاء الحرائق ووقف الحروب من دون أن يدركَ مخاطر التَّهجير القسري لشَعبٍ يقاوم هذا المنحى في مسار القضيَّة الفلسطينيَّة، فتحوَّل من ساعٍ للسَّلام ـ كما يزعم ـ إلى محرِّض على إشعال النيران وتسعيرها، في موقف حوَّله إلى أداة من أدوات التَّحريض على سلبِ حقوق الآخرين وتطلُّعاتهم بسلام حقيقي غير السَّلام الَّذي ينشدُه ويُشهره بأنياب استعماريَّة مخالِفة للقوانين وإرادة المُجتمع الدّولي.

ومهما يكُنْ من مسار المتحقِّق في مقترحات ترامب ـ كما يظن ـ فإنَّ الواقع يُشير إلى أنَّ التَّهجير القسري للشَّعب الفلسطيني وما يتعرض له منذُ أكثر من سبعين عامًا أيقظَ العالَم من فرطِ تغوُّل الهمجيَّة الأميركيَّة في تعاطيها مع أزمات وحقوق دوَله، ومقدار الظلم الَّذي يحاول ترامب وحليفه في الجريمة نتنياهو مواصلة سُلوكهما الَّذي يتنافى مع شرعة الأُمم المُتَّحدة وقوانين المُجتمع الدّولي.

لقَدْ باتَ واضحًا أنَّ إصرارَ ترامب وحليفه نتنياهو على خيار التَّهجير القسري يتطلب موقفًا عربيًّا وإسلاميًّا وحتَّى دوليًّا لوقف التَّداعيات الخطيرة لهذا الخيار، وتكُونُ قراراته بمستوى الحدث في مقدِّماته وقف التَّطبيع مع الكيان الصُّهيوني والتمسُّك بتثبيت أهل غزَّة بأرضهم، وتقديم الدَّعم لَهُم في مواجهة التَّرحيل القسري.

إذًا التَّهجير القسري بنقلِ سكَّان غزَّة إلى أوطان بديلة إن توافرت لن تحققَ أحلام ترامب كبطل للسَّلام، وسيواجِه عزلةً دوليَّة؛ جرَّاء فِعلته المُخزية، فيما سيواجِه حليفه نتنياهو ردود أفعال من حلفائه بـ»إسرائيل» لفشلِه في تحقيق الغلبة في حربه ضدَّ حماس، وسيسقط بهزيمة؛ جرَّاء فشلِه في حربه العدوانيَّة على غزَّة في مقابل الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينيَّة في مواجهة آلة الحرب الصهيونيَّة.

أحمد صبري

كاتب عراقي

[email protected]