الخميس 13 مارس 2025 م - 13 رمضان 1446 هـ
أخبار عاجلة

تجارب خليجية فـي التطوع الافتراضي

تجارب خليجية فـي التطوع الافتراضي
السبت - 08 فبراير 2025 02:40 م

نجوى عبداللطيف جناحي

20


لقَدِ انتشر التَّطوُّع الافتراضي في السنوات الأخيرة، فهو يواكب احتياجات المُجتمعات الحديثة، ويُعزِّز من قيمة العمل التَّطوُّعي. فمن خلاله، يتمكن الأفراد من تقديم خدماتهم ومهاراتهم دون الحاجة إلى الحضور الجسدي، مما يفتح المجال لشريحة أكبر من النَّاس للمشاركة في خدمة المُجتمعات مهما كان موقعهم الجغرافي.

والتَّطوُّع الافتراضي هو نوع من العمل التَّطوُّعي الَّذي يتمُّ عَبْرَ الإنترنت، حيث يقدِّم المتطوِّعون خدماتهم باستخدام الوسائل التقنيَّة مثل الحاسوب أو الهاتف الذَّكي. وتشمل الأنشطة التَّطوُّعيَّة الافتراضيَّة أنشطة كثيرة مثل: تقديم الاستشارات، التعليم عن بُعد، والترجمة، حملات التوعية، التدريب وتبادل الخبرات، تقديم التبرعات الخيريَّة بالدَّفع الإلكتروني، دراسة حالات الأُسر المحتاجة، والبحث الاجتماعي للأُسر عن بُعد، وغيرها.

وللعمل التَّطوُّعي الافتراضي أهميَّة في عصرنا الحاضر، فهو يزيل الحواجز الجغرافيَّة، ويتيح التَّطوُّع الافتراضي للأفراد من مختلف أنحاء العالم التَّعاون والمساهمة في القضايا الإنسانيَّة دون قيود السفر، كما يساعد على استثمار الوقت بفعاليَّة، ويمنح فرصة للأشخاص الَّذين لا يستطيعون الالتزام بمواعيد عمل محددة للمساهمة في العمل التَّطوُّعي ضمن أوقاتهم المتاحة، مما يجعل العمل التَّطوُّعي أكثر سهولة وتنظيمًا.

لقد ظهرت مبادرات عديدة في دول الخليج العربي في مجال التَّطوُّع الافتراضي، خصوصًا بعد انتشار جائحة كورونا، حيث اضطر النَّاس في هذه المرحلة للاعتماد على الإنترنت في التواصل الاجتماعي والمهني، وفي التعليم والتدريب، بل وحتَّى في مجال التشخيص الطبِّي، حيث الحاجة للعزل والتواصل مع النَّاس عن بُعد. ونذكر بعض المبادرات الخليجيَّة في مجال التَّطوُّع الافتراضي:

ففي سلطنة عُمان دشَّنت الشبكة العُمانيَّة للمتطوِّعين (تعاون) النسخة الافتراضيَّة الأولى لمشروع المتطوِّع الصغير، والَّذي يُنفَّذ وفق منهجيَّة العمل التَّطوُّعي الَّتي تعمل بها الشبكة في تنفيذ مشاريعها التَّطوُّعيَّة. جاء ذلك مواكبةً للظروف الصحيَّة في تلك الفترة الَّتي يمرُّ بها العالم أجمع ولاستثمار تلك الأزمة في تعزيز دَوْر الطفل بالمُجتمع وفتح الفرص له للمشاركة والبناء وإظهار الطاقات الشبابيَّة في العمل التَّطوُّعي الافتراضي. وقد تعددت حلقات المشروع استنادًا إلى مراجع عالميَّة لتنمية الطفل ومشاركته بالتَّطوُّع وتقرير مستشاري الطفل.

أمَّا في المملكة العربيَّة السعوديَّة فقد أطلقت الإدارة العامَّة للتدريب التقني والمهني بمنطقة تبوك، مبادرة التَّطوُّع الافتراضي بنسختها الأولى بشعار «تطوع بمهارتك في خدمة مُجتمعك»، حيث تهدف المبادرة إلى تقديم خدمات تطوُّعيَّة افتراضيَّة (عن بُعد) للمُجتمع، مستندةً إلى المهارات الَّتي يتمتع بها المتطوِّعون.

وفي الشارقة أطلقت دائرة الخدمات الاجتماعيَّة البرنامج التَّطوُّعي الافتراضي «معسكر حصاد التَّطوُّعي 17» بشعار «نتطوَّع من أجل الشارقة» من خلال طرح برامج تطوُّعيَّة متنوِّعة متضمِّنة حقولًا تطوُّعيَّة يحصد المتطوِّع الصغير فيها على قيَم أخلاقيَّة تطوُّعيَّة تصقل مهاراته وتغرس فيه حُب العمل التَّطوُّعي في بيئته المنزليَّة. وتأتي هذه المبادرة استكمالًا لمَسيرة غرس ثقافة العمل التَّطوُّعي ونشرها بَيْنَ فئة الأطفال وتزامنًا مع الإجازات المدرسيَّة لاستثمار وقت الفراغ بما هو مفيد.

وأطلق مكتب المنسق المقيم للأُمم المُتَّحدة في الإمارات العربيَّة المُتَّحدة موقعًا إلكترونيًّا جديدًا بدعم من المتطوِّعين عَبْرَ الإنترنت. يأتي الموقع الجديد لِيكُونَ منصَّة لمبادرة الأُمم المُتَّحدة الجديدة المتعلقة بالإصلاح الإداري، والَّتي تعمل على إضفاء اللامركزيَّة على العمليَّات التنظيميَّة. بالإضافة إلى ذلك، يعمل المتطوِّعون عَبْرَ الإنترنت على تسهيل الوصول إلى المحتوى من خلال الترجمة وإنتاج قصص نجاح تعرض جهود الدَّولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

في الواقع، تمَّ حشد أكثر من ألف متطوِّع من متطوِّعي الأُمم المُتَّحدة في المنطقة العربيَّة منذ بدء جائحة «كوفيد19»، حيث عملوا بزخم على تحديد الاحتياجات وتقديم الخدمات وإنتاج محتوى إلكتروني إبداعي. تركز هذه المبادرة على بناء الثقة في المُجتمعات والوعي بالقضايا المهمة ذات الصلة بأهداف التنمية المستدامة والالتزام تجاه العمل الجماعي.

ومن المبادرات التَّطوُّعيَّة الافتراضيَّة في مملكة البحرين، مبادرات دروس التقوية، والحصص المعزّزة للموقف التعليمي، حيث يقدِّم عدد من المُعلِّمين المتطوِّعين دروسًا تعليميَّة مجانيَّة للطلبة، كما يجيبون عن أسئلة الطلبة في سبيل مساعدتهم على تحسين تحصيلهم الدراسي، كما ظهرت مبادرات لمواقع إلكترونيَّة، وطرح فيديوهات عبر اليوتيوب لتدريس بعض اللغات الأجنبيَّة، وترجمة بعض النصوص.

والواقع أن توظيف التقنيَّة في الأنشطة التَّطوُّعيَّة نشط بشكلٍ ملحوظ لدى الجمعيَّات، حيث تستعين الجمعيَّات بالخدمات الإلكترونيَّة لتسهيل الخدمات التَّطوُّعيَّة، فهي تعتمد على الدَّفع الإلكتروني في توزيع التبرعات واستلامها، وتعتمد على المعلومات المتاحة إلكترونيًّا لكتابة التقارير الاجتماعيَّة عن الأسر، وتعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي في توزيع الدعوات للفعاليَّات، ومما لا شك فيه أن الجمعيَّات باتت تعتمد على نفسها في التغطيَّة الإعلاميَّة لأنشطتها وبرامجها في وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن كانوا يبذلون جهودًا كبيرة للحصول على الموافقات من قبل الأجهزة الإعلاميَّة، لتغطية أنشطتهم وبرامجهم إعلاميًّا. وعموما فالعمل التَّطوُّعي بات يعتمد على العالم الافتراضي بشكلٍ كلِّي أو جزئي... ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي

كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية

متخصصة في التطوع والوقف الخيري

[email protected]

Najwa.janahi@