الأربعاء 05 فبراير 2025 م - 6 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

رجب بين الفضل والفضائل «3»

الأربعاء - 05 فبراير 2025 03:12 م


أيها الأحبة: لا نزال مع شهر الله المحرم رجب وما ذكر عنه من فضل وما جاء فيه من فضائل، وكنا عند نقطة الصيام، وقد قطع الحكم فيه الإمام النووي فقال في شرحه لصحيح مسلم (ج8/‏ صـ39): (ولم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب لعينه، ولكن أصل الصوم مندوب إليه)، ففي (سنن أبي داود):(أن رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم ورجب أحدها)، والله أعلم، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلّى الله عليه وسلم:(نَهَى عَنْ صَوْمِ رَجَبٍ كُلِّهِ)(فضائل الأوقات للبيهقي، ص:107)، وأخرجه ابن حجر في (تبيين العجب، ص48)،وقال عقبه: (فهذا النهي منصرف إلى من يصومه معظّمًا لأمر الجاهلية، أمَّا من صامه لقصد الصوم في الجملة، من غير أن يجعله حتمًا، أو يخص منه أيامًا معيّنة يواظب على صومها أو ليالٍ معينة يواظب على قيامها، بحيث يظن أنها سنة، فهذا من فعله مع السلام مما استثنى، فلا بأس به، فإن خص ذلك، أو جعله حتما فهذا محظور)، وقال الإمام الشوكاني في (الفتح الرباني 6/‏ 3213)، وأقول:(يكفي في استحباب صوم رجب أنه من الشهور الحرم، ولم يصل أثر إلى درجة الصحيح يفضل الصوم في رجب أو تخصيصه بشيء عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا عن صحابته الكرام، مع العلم أن المشروع فيه من الصوم ما شرع فيما سواه من الشهور، كصيام يومي الاثنين والخميس، وكذلك الأيام الثلاثة البيض، وكذلك صوم يوم وإفطار يوم)، قال الإمام ابن القيم:(ولم يصم ـ صلى الله عليه وسلم ـ الثلاثة الأشهر سردًا «أي: رجب وشعبان ورمضان» كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبًا قط ولا استحب صيامه)، فهذا الشهر والشهور التي تليه عبارة عن زراعة للطيبات التي يزرعها المسلم في حياته، متمنيًّا إذا لقي ربه يحصد ثمار ما زرع، فيقضي ما فاته من الصلاة الفرضية، ففي (سنن أبي داود 2/‏ 323):(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:»أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَفْرُوضَةِ صَلَاةٌ مِنَ اللَّيْلِ»، لَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ: «شَهْرٌ»، قَالَ «رَمَضَانُ»، ويزيد على ذلك بصلاة النوافل وخاصة قيام الليل، تالياً لكتاب الله، مخرجًا للصدقات، فكيف يأتي رجب وهو باب الخير لرمضان ولا ينتهز المسلم تلك الفرصة أن يسجل اسمه مع الذاكرين)، قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء، ج3/‏ ص84): (فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل ، مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد، مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقول عند النوم واليقظة، ودبر المكتوبة والسحر، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصًا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان، مع أداء الواجب، واجتناب الكبائر، وكثرة الدعاء والاستغفار، والصدقة وصلة الرحم، والتواضع، والإخلاص في جميع ذلك لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين، وأولياء الله المتقين)، وقال الحافظ ابن حجر في (تبيين العجب بما ورد في فضل رجب،ص52): (لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معيّن ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة، فعلى الإنسان أن يستعد بالأعمال الصالحة في رجب، وأن يتعاهدها بالتجويد والإتقان في شعبان، لكي يستطيع الإتيان بها على أكمل الوجوه في رمضان ومن أهم الأمور أن يستعد الإنسان بالأعمال الصالحة قبل شهر رمضان،جدير بمن سود صحيفته بالذنوب، أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر، وبمن ضيع عمره في البطالة، أن يغتنم فيه ما بقي من العمر).. فحيَّ على فضائل الأعمال.

محمود عدلي الشريف

 [email protected]