الأربعاء 05 فبراير 2025 م - 6 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

«لا» شعبية ورسمية بتصفية القضية الفلسطينية

«لا» شعبية ورسمية بتصفية القضية الفلسطينية
الأربعاء - 05 فبراير 2025 02:00 م

جودة مرسي


تعودنا في أفلام الإثارة (الأكشن) الأميركيَّة أن تحملَ مشاهد وأحداث تفوق الإدراك العقلي للبَشر، ولا يُمكِن تخيُّل حدوثها إلا في الخيال الأكثر دمويَّة. ونحن اليوم نشاهد أحَد هذه الأفلام وأكثرها إثارة ودمويَّة، يمثِّل البطولة فيها الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب الَّذي بدأ ولايته بحدثٍ سعيد تمثَّل بإيقاف العدوان على الشَّعب الفلسطيني في غزَّة من قبل الكيان المحتل، وتبادل الأسرَى بَيْنَ الطرفين، وهذا ما كان يرفضه المتطرفون في حكومة الكيان المحتل بزعامة رئيس الوزراء (النتنياهو)، ولم تدُمِ الفرحة كثيرًا بسبب الاقتراح الترامبي بتهجير الفلسطينيِّين خارج غزَّة إلى مصر والأردن، بل وتأكيده لذلك في أكثر من لقاء على أنَّ مصر والأردن سيستقبلان سكَّان غزَّة، في المقابل قوبل الاقتراح برفض شَعبي ورسمي شديد من قبل كلِّ طوائف المُجتمع المصري والأردني، بل والعربي أيضًا، وعلى جميع المستويات الشَّعبيَّة والسياسيَّة؛ لِمَا يمثِّله هذا الأمر من تهديد للأمن القومي للبلدين والقضاء على القضيَّة الفلسطينيَّة والعودة بها لسيناريو نكبة العام 48. ولم يكُنِ الفيلم الهوليوودي يخص القضيَّة الفلسطينيَّة والوطن العربي فقط، بل امتد لحرب اقتصاديَّة عالميَّة فرض خلالها دونالد ترامب مجموعة من الضرائب على العديد من الدول، منها فرض ضرائب بنسبة (25) في المئة على الواردات من البضائع الكنديَّة، (25) في المئة على البضائع المكسيكيَّة، (10) في المئة على البضائع الصينيَّة، (10) في المئة على استيراد الطاقة من كندا، وفي الطريق فرض ضرائب بنسبة (10) في المئة على أوروبا، وستؤدي مثل هذه الضرائب إلى حرب اقتصاديَّة كبرى لن يستثنى منها أحد، إلا أن ما يهمُّنا أكثر عربيًّا وإقليميًّا هو اقتراح تهجير الفلسطينيِّين خارج غزَّة إلى مصر والأردن بحجة إعادة إعمار غزَّة الَّتي قد يستغرق إعادة بنائها (15) عامًا بسبب تدميرها بالكامل من قبل جيش الكيان العنصري الهمجي المحتل.

يعود الاقتراح الترامبي الخاص بتهجير أهالي غزَّة إلى تبنِّيه لرؤية متطرفة للكيان المحتل والَّتي قد أعلنت عن طريق مقال بإحدى الصحف الأميركيَّة للسفير «الإسرائيلي» في الأُمم المُتَّحدة (داني دانون) والَّذي نادَى بإبعاد الفلسطينيِّين خارج غزَّة ونقلهم إلى مصر والأردن، وهذا السفير له العديد من الآراء المتطرفة الَّتي تمثِّل حكومة الكيان المحتل والَّتي قد نشر أحدها أيضًا في مقال صحفي عبَّر فيه (عن القلق من القدرات العسكريَّة المصريَّة متسائلًا عن سبب الاستمرار بالتحديث والتطوير)، وقد اتخذت مصر العديد من الخطوات حفاظًا على أمنها القومي وتحسبها لأيِّ خطوات قادمة فقامت بتحركات عسكريَّة شديدة الأهميَّة في المنطقة بتحريك الجيش المصري للعديد من قوَّاته في سيناء بالقرب من معبر رفح، تعبيرًا عن الرفض الشَّعبي الرافض للاقتراح بتهجير أهالي غزَّة، وتضامنًا مع القيادة السياسيَّة الرافضة للاقتراح والَّتي عبَّرت عن ذلك بتصريحات معلنة، مع تأييد عربي قوي، عقد اجتماع مؤخرًا لبعض الدول العربيَّة في القاهرة على مستوى وزراء الخارجيَّة شاركت به مصر والأردن والإمارات والسعوديَّة وقطر وأمين سر اللجنة التنفيذيَّة لمنظَّمة التحرير الفلسطينيَّة والأمين العام لجامعة الدول العربيَّة. والَّتي خرجت ببيان موحَّد عبَّرت خلاله عن رفضها رفضًا قطعيًّا للقرار الَّذي يصفِّي القضيَّة الفلسطينيَّة ويقضي على اقتراح حلِّ الدولتين. وجاء في البيان استمرار الدعم الكامل لصمود الشَّعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقًا للقانون الدولي، وذلك في موقف موحَّد ضدَّ فكرة الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير أهالي قِطاع غزَّة خارج أراضيهم تحت أيِّ ظرف من الظروف، تأكيد ترامب على تنفيذ اقتراحه الخاص بأهل غزَّة، مع العديد من القرارات الأخرى الَّتي اتخذها وسبَّبت عداء مع بعض الدول في الأميركتين وأوروبا والصين، ينبئ أنَّ حرب التصريحات والقرارات القادمة سترسم خريطة جديدة للعالم غير معلومة الملامح، إنَّما المؤكَّد أنَّ اشتعال القرارات والاقتراحات سيكُونُ أشد اشتعالًا من حرائق كاليفورنيا.

جودة مرسي

[email protected]

من أسرة تحرير « الوطن»