الأربعاء 05 فبراير 2025 م - 6 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

بيان عربي مشترك لمواجهة مطالب تهجير الفلسطينيين

بيان عربي مشترك لمواجهة مطالب تهجير الفلسطينيين
الأربعاء - 05 فبراير 2025 06:10 م

خميس بن عبيد القطيطي

20


صدر يوم السبت الماضي من مقر جامعة الدول العربيَّة بيان عربي استثنائي مشترك متصديًا لمطالب أميركيَّة بترحيل سكَّان قِطاع غزَّة، وهذا البيان شمل وزراء خارجيَّة السعوديَّة ومصر وقطر والأردن والإمارات وأمين سر اللجنة التنفيذيَّة لمنظَّمة التحرير الفلسطينيَّة والأمين العام لجامعة الدول العربيَّة. وجاء في البيان: «إنَّ المشاركين في الاجتماع أكدوا رفضهم لفكرة تهجير الفلسطينيِّين خارج أراضيهم تحت أيِّ ظرف من الظروف، ويتطلعون للعمل مع إدارة الرَّئيس ترامب لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط وفقًا لحلِّ الدولتين، والعمل على إخلاء المنطقة من النزاعات». جاء هذا الاجتماع العاجل بعد عدَّة أيَّام من مطالب أميركيَّة لمصر والأردن باستقبال سكَّان قِطاع غزَّة وردت على لسان الرَّئيس الأميركي ترامب وبعد يوم واحد من اتصال وزير الخارجيَّة الأميركي بوزير الخارجيَّة السعودي بما يؤكد أنَّ هناك رفضًا عربيًّا مطلقًا لفكرة التهجير ورفضًا قطعيًّا للابتزاز الأميركي .

وهنا ينبغي التذكير بأنَّ الدول العربيَّة ورغم التراجع المؤسف لتشكيل صمام أمان ورافعة قوميَّة للقضيَّة الفلسطينيَّة في السنوات الأخيرة، إلا أنَّ هذه الدول نفسها لن تقبلَ عمليَّة الابتزاز ولن تقبلَ التفريط بالأمن الوطني أولًا والَّذي يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالأمن القومي العربي، ولا يُمكِن التفريط في قضيَّة السيادة أيضًا رغم التماهي مع بعض المصالح الأميركيَّة العربيَّة المتبادلة. وهنا على العرب أن يتداركوا أهميَّة الاجماع العربي، وأنَّ القرارات العربيَّة الموحَّدة الَّتي تعبِّر عن الإرادة العربيَّة وتتقاطع مع مشاعر الأُمَّة العربيَّة لا يُمكِن لأيِّ قوَّة أن تسقطَها نظرًا لما تحمل من قواعد صلبة، وخصوصًا تلك المرتبطة بالقضيَّة الأولى القضيَّة الفلسطينيَّة.

إنَّ قضيَّة التهجير الَّتي حدثت أثناء النكبة تطل برأسها اليوم في إدارة الرَّئيس ترامب على نطاقَي الضفَّة والقِطاع بما يؤكد أنَّ القضيَّة الفلسطينيَّة الَّتي تعاني من انتهاكات القوى الدوليَّة طوال (77) عامًا منذُ بداية النكبة وحتَّى معركة طوفان الأقصى الَّتي انتصرت فيها إرادة المقاوَمة الفلسطينيَّة، وفرضتْ اتفاقًا عظيمًا تجلَّت مشاهده على أرض الواقع، ورغم حالة عدم الاستقرار وما أفرزته تلك التدخلات الدوليَّة من إسقاط للحقوق الفلسطينيَّة بدلًا من حلِّها، يأتي اليوم الرَّئيس الأميركي بلُغة تحاول إعادة القضيَّة إلى المربع الأوَّل لتستمرَّ تداعيات تلك المواقف الدوليَّة ليس على أبناء الشَّعب الفلسطيني فحسب، بل على عمليَّة الأمن والاستقرار بالمنطقة، وهذه المواقف سوف يدفع الجميع تكاليف تداعياتها .

الأهمُّ في مسألة التهجير أنَّه لا يُمكِن وضعها على طاولة التدويل نهائيًّا والأدلَّة والمؤشِّرات الَّتي أفرزها العدوان الصهيوني الَّذي استمر ما يقرب من عام ونصف بما حمل من أوجاع وآلام وضغط وتجويع وحصار، كلُّ ذلك لم يتمكن من فرض التهجير على سكَّان القِطاع، فما لم يتحققْ بفعل العدوان لن يحدثَ في ظل الظروف الراهنة، وعلى الأطراف الدوليَّة تدارك هذه الحقيقة. كما أنَّ القضيَّة الفلسطينيَّة اليوم في وضع تتطلب استدراك حقائق التاريخ والأحداث، ولا شك أنَّ المنعطف التاريخي الراهن يشي بمتغيرات كبرى رهانها الدائم هو مقاوَمة الاحتلال، وهذه الحقائق إذا لم يفهمْها صنَّاع القرار الدولي عليهم تحمُّل تبعاتها المستقبليَّة.

إنَّ الموقف العربي الموحَّد والمعلَن برفض الضغوط الدوليَّة حَوْلَ قضيَّة التهجير تلاقي دعمًا شَعبيًّا وجماهيريًّا عربيًّا من المحيط إلى الخليج طالَما ينصبُّ في صالح القضيَّة الفلسطينيَّة، ومعبِّرًا عن الإرادة العربيَّة وضدَّ محاولات الابتزاز الدولي الَّتي لو انحنتْ أمامها الدول العربيَّة فإنَّ عليها الانحناء أكثر أمام تنازلات كبرى مؤلمة تتعلق بالمصالح العربيَّة والأمن الوطني والقومي العربي. ومن هنا تتجلى أهميَّة الإجماع العربي واستخدام أوراق القوَّة العربيَّة وتصعيد الموقف إلى مجلس الأمن، وتوظيف التكتلات الدوليَّة في خدمة القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضيَّة الفلسطينيَّة.

خميس بن عبيد القطيطي

[email protected]