أصبح المسلمون لا يتذكرون حق المسجد الأقصى الأسير عليهم إلا عندما تحل عليهم كل عام ذكرى الإسراء والمعراج.. ففي تلك الليلة أسرى الله سبحانه وتعالى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ثم عرج إلى السماوات العلا ثم صلى فيه إمامًا لباقي الرسل والأنبياء.. كما أنه في هذه الليلة العظيمة شرعت الصلاة قرة عين نبينا الكريم وقرة عين كل مسلم.
لكن منذ أن وضعت قوات الاحتلال يدها على مدينة القدس بل الأرض المحتلة بكاملها وهي تعمل على تهويد كل شبر فيها وتواصل الحفر أسفل المسجد الأقصى بهدف هدمه وبناء هيكلها التلمودي المزعوم على أنقاضه ضاربة بكل المعايير والقوانين والشرعية الدولية عرض الحائط.. والغريب أنها تقوم بهذه الانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم أجمع ولا يملك أحد حق الاعتراض أو حتى الشجب والتنديد، بل الصمت المطبق هو السائد وإن وجدت ردود أفعال فإنها تكون على استحياء وليست على قدر جرم الفعل.
إن دولة الاحتلال سادرة في بناء المستوطنات في القدس الشرقية وما حولها وتعمل على تهويد المدينة بالكامل وطمس المعالم الإسلامية والمسيحية فيها ليحل محلها الطابع اليهودي، بل إنها قامت بهدم قرية بالكامل وهي قرية النعمان شرق مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، حيث هدمت جميع المنازل للتوسع في الاستيطان.. إلى جانب أنها تسعى لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين بمصادرة أملاكهم وأراضيهم ومنحها للمستوطنين اليهود لتصبح القدس في النهاية للإسرائيليين فقط وغير ذلك من الانتهاكات التي لا حصر لها والتي يقف أمامها العالم موقف المتفرج.
ولكن ما تعتقده «إسرائيل» من أن تهويد القدس وتهجير أهلها سوف يثني الفلسطينيين عن المطالبة بحقهم فيها هو محض أوهام وسراب، فالقدس عربية وستظل عربية مهما غيرت «إسرائيل» من معالمها وحلم الدولة اليهودية وعاصمتها القدس الموحدة الذي تسعى لفرضه على أرض الواقع لن يتم بل سيتحول إلى كابوس يؤرقها في منامها ويقظتها.
آن الأوان لإنقاذ الأقصى من براثن التهويد ودولة الاحتلال وإفساد خططها الخبيثة الساعية لهدمه.. وكنا نتمنى أن تحمل ذكرى الإسراء والمعراج هذا العام صحوة للمسلمين يفيقون من خلالها وينتفضون لينقذوا مسجدهم الأسير أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فيعملوا على تدويل القضية وتأليب المجتمع الدولي على ما تقوم به من انتهاكات بحق المسجد الأسير.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني