مسقط ـ العُمانية: يتجسد المنهج البحثي التاريخي في سلطنة عُمان لدى العديد من الباحثين في عدد من الرؤى والأهداف التي تؤدي إلى الوصول نحو الهدف التي تقوم عليه تلك المشاريع الثقافية من خلال تطبيق عدد من الآليَّات العملية، وفي هذا السياق يرى الباحث في التاريخ سيف بن عدي المسكري أن التاريخ أشبه بصندوق ضخم حاوٍ لأحداث ورؤى عديدة ومتباينة، أحيانًا يتخللها ذاتية المُنشِئ والمقيِّد وأهوائه بالضرورة، والمتعاطي مع هذا الصندوق تدفعه بواعث عدة، يُدخل يده فيه ويخرج ما يلائمه سلبًا وإيجابًا لتوظيفه في تجاذبات الحاضر وصراعاته، وما نسميه بالانفجار المعرفي في زمن الفضاءات المفتوحة، وكثُر الهواة ومتصيِّدو الشهرة السريعة، ومن يلعب على عواطف الافتخار بالماضي والنظرة الوردية إليه.
ويضيف في حديثه لوكالة الأنباء العُمانية في هذا السياق أن هذا لا يمكن ضبطه إلا من قِبَل المتلقي الذي عليه تحصين عقله وتنمية معارفه عبر المصادر أو القنوات العلمية ليستطيع التمييز بين السطحي والعميق، والطرح الموثّق بالدلائل عن الآخر الخيالي المختلق.
ويشير: محليًّا علينا العناية بالمنهجية في الطرح والتعددية في المقاربات، وتنويع المصادر، والغوص في جوانب تلامس الإنسان فردًا وجماعة، فلا نحصر البحث في الجوانب السياسية أو البيوغرافيا المرتبطة بالأفراد الفاعلين، مع ضرورة تعزيز البحث الحر غير المقيد إلا بضوابط العلم وقواعد المنهج، فمن دون ذلك سنراوح مكاننا بطرح القضايا نفسها عبر أدوات وطرائق شبه تقليدية.
وعن أهمية البحوث التاريخية ومساهمتها في فهمنا ووعينا للعالم المعاصر، وما تقدمه من إضافات علمية تعزز تاريخ الحضارات الإنسانية، فإنه يقول: عرفت الدراسات التاريخية تطورات مفصلية خلال القرن العشرين، وبالأخص ما يسمى بالتاريخ الجديد على يد المؤرخين الفرنسيين، الذين أولوا عناية كبيرة بجوانب لم تطرح من قِبل المهتمين بالتاريخ قديمًا، تغير الوضع فصرنا نجد تاريخًا للمهمشين والأقليات وأخرى حول السكن أو اللباس، أي الانتقال من البحث في الحاكمين إلى البحث في المحكومين، أظهرت ذلك دراسات حول المخيال والذاكرة والعقليات.