كانت زيارتي إلى العاصمة الرياض في فصلها الشتوي البارد مميَّزةً بحق، وكان من حظِّي أن يكون ضمنَ جدولِ زيارتي لهذه العاصمة العامرة أن أزور وأبنائي فهد وعبدالعزيز مكتبة الملك عبدالعزيز باقتراحٍ وتنسيقٍ كريم من الصديق العزيز السفير السعودي لدى سلطنة عمان ووكيل وزارة الخارجية السابق عيد بن محمد الثقفي، وقد تكرَّم باستقبالنا في المكتبة كبار المسؤولين فيها. ولأنَّ الطفولة هي أُولى المراحلِ التي يوجَّهُ إليها الاهتمام فقد كانَ تجوالنا في مرفق مكتبة الطفل له مدلولاته الرمزية التي تشي بالعناية الثقافية السليمة بدءًا من مرحلةِ الطفولة، وهناك شهدتُ جهودًا جبَّارةً، ومبادراتٍ عظيمةٍ لتعزيز وعي الطفل، بأساليب وطرق مختلفة تهدفُ إلى إثراءِ عقلية الطفل من كل الجنسيات ومن كل بقاع العالم، وقد فتحت مكتبة الطفل مشاركة جميع أطفال العالم من أيِّ مكانٍ في بقاعِ الأرض. لقد سعدتُ بهذا التوجه الرشيد، حيثُ إنني من المهتمين بأدب الأطفال وكتبتُ في مسرح الأطفال عددًا من المسرحيات، وعددًا من الأناشيد، ولي اهتماماتٌ مختلفة لتعزيز وعي الناشئة، ثم توجهنا إلى مرفق رئيس من مرافق مكتبة الملك عبدالعزيز وهو مرفق المكتبة التي تضم بين جنباتها آلاف الكتب المتاحة لاطلاع الباحثين والدارسين والقرَّاء في جوٍّ هاديءٍ مريح، بعد ذلك توجَّهنا إلى القسم الخاص بالعملات القديمة التي تحتوي على ثمانية آلاف عملة قديمة جُمعت على مدار ثلاثين عامًا، ثم اتجهنا للإطلاع على القاعة التي تقدِّم من خلالها مكتبة الملك عبدالعزيز الحلقات والندوات واللقاءات الهادفة إلى زيادة القدرات، وتنمية المهارات. تشرَّفتُ بعد ذلك بإهداءِ مكتبة الملك عبدالعزيز مجموعة من إصداراتي على رأسها كتاب (القيَم السُّلطانية للسُّلطان قابوس بن سعيد طيَّب الله ثراه) وديوان شعر(قطاف الحكمة) الذي يضمُّ بين دفتيه أربعمائة قصيدة كتبتها في شعر الحكمة، وكتاب (صناعة الإنسان وبناء الأوطان) وكتاب (ماذا أنتظر) وأربعة كتب تحتوي ثماني عشرة مسرحية في المسرح الشعري ومسرح الأطفال ومسرحيات تاريخية، كما شرِّفتُ بمجموعةٍ من إصدارات المكتبة أُهديت لي. في الختام، قلتُ للمسؤولين بأنَّ هذه المكتبة العريقة قد تجاوزت الصورة النمطية للمكتبة إذ إنها تمتدُّ دون حدود لتخدم الوعي الإنسان بوسائل متميزة، وطرق متعددة، فمكتباتها المتنقلة تقتربُ من الطفل في المتنزهات والحدائق، وكتبها تصلهُ بأرخص الأثمان، كما أنه يستطيع أن يحصل على المعلومة التي يريدها من المكتبة بكلِّ يُسرٍ وسهولة. كتب الله الأجر للملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمة الله على تأسيس مكتبة الملك عبدالعزيز، وجعلها منارةً ثقافية تتغذى منها عقول الأجيال المتلاحقة.
د. صالح الفهدي
كاتب عماني