في مدينة صلالة بمحافظة ظفار وُلد عيسى الكثيري ونشأ، ثم التحق بالمدرسة ومنذ بداية التحاقه بها عام 2008م تعلق قلبه بالقراءة والكتابة الورقية والرقمية.
وبمرور الوقت صار شغوفًا بقراءة القصص والحكايات المثيرة من خلال الكتب وصفحات التواصل الاجتماعي، وكان يعشق الخيال ومن خلاله صار يخلق عالمًا مثيرًا يتخيل نفسه فيه كاتبًا مشهورًا، وقد دفعه طموحه لقراءة المزيد من الكتب وصفحات التواصل الاجتماعي بكل اندفاع.
استمر يقرأ بكل شغف، ويتنقل بين عوالم الأدب والفكر، ولم يكن مجرد قارئ، بل كان يحلم بأن تصبح كلماته ملهمةً ومؤثرة في حياة الآخرين، كبر عيسى وبدأ يكتب خواطره على دفاتره الخاصة، لكنه لم يكن واثقًا من قدرته على مشاركة كتاباته مع الجمهور.
في إحدى الليالي، بينما كان يتصفح الإنترنت، تعرف على عالم كتابة المحتوى الرقمي، واكتشف أن بإمكانه تحويل شغفه بالكلمات إلى مهنة تجلب له الفائدة المادية والمعنوية.
قرر عيسى أن يبدأ بخطوات صغيرة، فأنشأ مدونة بسيطة على الإنترنت وبدأ يكتب فيها عن موضوعات متنوعة؛ مثل التنمية الذاتية، والثقافة العُمانية، والتكنولوجيا الحديثة، وكانت كتاباته صادقة وتحمل طابعًا شخصيًّا جذب انتباه القرَّاء شيئًا فشيئًا، مع مرور الوقت، أدرك عيسى أن عليه تطوير مهاراته أكثر ليصبح كاتب محتوى محترف، والتحق بعدد من الدورات التدريبية عبر الإنترنت، وتعلم أسرار تحسين محركات البحث (SEO) وكيفية كتابة المحتوى الجذاب، وبدأ يطبق ما تعلمه في كتاباته.
شارك مقالاته في منصَّات التواصل الاجتماعي مثل:(التويتر والفيسبوك)، وسرعان ما بدأ يُلاحظ التفاعل الكبير من قبل الجمهور.
أحد المقالات التي كتبها حول (الهُوِيَّة العُمانية في العصر الرقمي) لاقت انتشارًا واسعًا، مما لفَت انتباه إحدى الشركات العُمانية الرائدة، التي تواصلت معه للعمل على كتابة المحتوى لموقعها الإلكتروني.
مع أول فرصة عمل حصل عليها، بدأ عيسى يكسب دخلًا متواضعًا، لكنه كان دافعًا كبيرًا له للاستمرار. أخذ يعمل مع عدة شركات ومؤسسات في مجالات مختلفة، وبدأ يخصص وقتًا لكل مشروع؛ ليضمن تقديم أفضل ما لديه.
لم يتوقف عيسى عند هذا المستوى، بل أطلق دورات تدريبية عبر الإنترنت تساعد الشباب العُماني على دخول مجال كتابة المحتوى وتحقيق دخل مستدام، وبهذا لم يَعدْ عيسى مجرد كاتب محتوى، بل أصبح رائدًا في هذا المجال داخل مجتمعه.
في غضون عامين فقط، لمع اسم عيسى الكثيري بين روَّاد الأعمال الشباب والشركات العُمانية، وبدأت أعماله تُعرض في منصَّات إعلامية مرموقة، زادت شهرته عندما بدأ بإنتاج محتوى فيديو تعليمي عن كتابة المحتوى وشارك تجربته عبر قناته على (اليوتيوب)، مما أدى إلى تعزيز حضوره الإعلامي وجذب المزيد من العملاء.
تظهر حكاية إنجاز عيسى أن النجاح ليس مستحيلًا، بل هو مزيج من الطموح، التعلم المستمر، والإصرار على تحقيق الأحلام، وهكذا استطاع هذا الشاب العُماني أن يحول شغفه بالكلمات إلى مصدر رزق وإنجاز وريادة؛ ليكون نموذجًا يُحتذى به في عالم كتابة المحتوى الرقمي.
د. أحمد بن علي المعشني
رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية