محفز رئيسي لإقامة مجموعة متنوعة من المشروعات القائمة على منتجاتها
الدقم ـ العُمانية: تُعدُّ مصفاة الدقم في محافظة الوسطى بقيمتها الاستثمارية البالغة 9 مليارات دولار أميركي أكبر مشروع استثماري بين سلطنة عُمان ودولة الكويت الشقيقة، وقد أقيم بالشراكة بين مجموعة أوكيو ـ المجموعة العالمية المتكاملة للطاقة ـ وشركة البترول الكويتية العالمية.
كما يُعَدُّ أحد أبرز المشروعات الصناعية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ومحفِّزًا رئيسًا لإقامة مجموعة متنوعة من المشروعات القائمة على منتجات المصفاة.
وتشكِّل مصفاة الدقم إضافة قيمة لسوق الطاقة العالمي من خلال تقديمها منتجات نفطية عالية الجودة التي سيكون لها دور كبير في تطوُّر القطاعات الصناعية وتقدُّمها، بالإضافة إلى دعمها الاستهلاك اليومي من الطاقة.
وتعتمد مصفاة الدقم، أحدث وأكبر المصافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على النفط الخام المستورد في عملياتها، وتتطلع إلى أن تكون رائدة عالميًّا في مجال التكرير، ملتزمة بتزويد العملاء حول العالم بمنتجات نفطية متميزة إضافة إلى إسهامها في تعزيز القدرات التكريرية لسلطنة عُمان بما يصل إلى نحو 500 ألف برميل يوميًّا.
وقال ملهم بن بشير الجرف نائب رئيس جهاز الاستثمار العُماني للاستثمار، رئيس مجلس إدارة مجموعة أوكيو إنَّ مشروع مصفاة الدقم يعكس عمق الشراكات الاستراتيجية التي تنتهجها سلطنة عُمان لا سيما مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ حيث تُمثِّل المصفاة بالشراكة مع دولة الكويت الشقيقة نموذجًا للمشروعات الكبيرة التي تقع في الدقم وتطل على خطوط الملاحة العالمية.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أنَّ المصفاة تهدف إلى تعظيم الاستفادة من الثروات الطبيعية، وإضفاء قيمة مضافة عالية للنفط الخام، حيث أُنشئت وفق أعلى المعايير وباستخدام أحدث التقنيات، وتأتي في إطار استراتيجية استثمارات مجموعة أوكيو الرامية إلى تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد العُماني عبر تنويع الاستثمارات، بالإضافة إلى تكاملية المصفاة مع عدد من المشروعات الاستراتيجية القريبة منها؛ ما يؤهلها لأن تصبحَ مركزًا صناعيًّا ومُمكِّنا للعديد من الصناعات البتروكيماوية وصناعات الشق السفلي في المنطقة.
من جانبه قال أشرف بن حمد المعمري، الرئيس التنفيذي لمجموعة أوكيو بالإنابة إنَّ تشغيل مصفاة الدقم يُعَدُّ دليلًا على نجاح الشراكة العُمانية الكويتية لإنشاء أكبر مشروع استثماري مشترك يجمع بين دولتين خليجيتين في قطاع النفط، ويكون نموذجًا على تلاقي المصالح الاقتصادية بين البلدين لا سيما وأنَّ سلطنة عُمان ودولة الكويت الشقيقة تمتلكان تاريخًا وإرثًا مشتركًا.
ولفتَ إلى أنَّ نجاح هذا المشروع الاستراتيجي من شأنه أن يعزِّز آفاق مستقبل التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مشروعات تنموية واقتصادية تسهم في استقرار إمدادات الطاقة للعالم، وتوفر ضمانات آمنة بما تحظى به سلطنة عُمان من موقع استراتيجي فريد يسهِّل انسيابية تخزين المنتجات النفطية وتصديرها للعالم.
وتقوم المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بدور محوريٍّ في تهيئة بنية أساسية متقدمة وموثوق بها، تجذب الاستثمارات المحلية والدولية عبر مختلف القطاعات الاقتصادية، ومدعومة بنظام تشريعي محفِّز للاستثمار يقدم تسهيلات ومزايا استثنائية للمستثمرين.
وتتكامل مصفاة الدقم مع عدة استثمارات تابعة لمجموعة أوكيو لاسيما أوكيو لشبكات الغاز والشركة العُمانية للصهاريج ومرافق وأوكيو للمتاجرة، ومن المشروعات التي تبرز هذا التكامل مشروع رأس مركز لتخزين وتصدير النفط الخام الذي تديره الشركة العُمانية للصهاريج من خلال تخزين النفط الخام ومده المصفاة بخطوط أنابيب يبلغ طولها 80 كيلومترًا.
كما تعمل شركة «مرافق» على توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي لمصفاة الدقم والمشروعات الأخرى، ما يعزِّز عمليات القطاعات المتنوعة مثل البتروكيماويات والصناعات التحويلية والصناعات الثقيلة، ويُسهم في رفع مستوى البنية الأساسية الصناعية.
كما وفَّرت أوكيو لشبكات الغاز خط أنابيب غاز بطول 221 كيلومترًا من فهود إلى المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لتلبية الاحتياجات الأوَّلية والمستقبلية من إمدادات الغاز لمشروعات المنطقة، بالإضافة إلى مشروعات البنية الأساسية التي توافرت لتسهيل عمليات مصفاة الدقم.
وقال هلال بن علي الخروصي الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية والمصافي والصناعات البتروكيماوية بأوكيو، رئيس مجلس إدارة شركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية إنَّ مصفاة الدقم تضطلع بدور استراتيجي كبير في تحقيق رؤية «عُمان 2040» حيث تمثل نقطة انطلاق لتعزيز قطاع الطاقة في سلطنة عُمان وتطويره، مضيفًا أنَّ المصفاة تعمل على ترسيخ مكانة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم كمركز حيوي مهم للأنشطة الاقتصادية والصناعية الهادفة إلى تحقيق سياسات التنويع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات وتعزيز البنية الأساسية من خلال المرافق والخدمات المتوافرة.
ووضح في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أنَّ المصفاة تعمل على تكرير 230 ألف برميل يوميًّا من النفط الخام لاستخدامه في إنتاج منتجات عالية الجودة مثل الديزل ووقود الطائرات والنافثا والغاز البترولي المسال.
وأشار إلى أنَّ الموقع الاستراتيجي لمصفاة الدقم يمثِّل نقطة تحوُّل في جعل سلطنة عُمان ودولة الكويت مساهمين عالميين أساسيين في قطاع الطاقة، ما يمكنهما من الانفتاح على الأسواق الصاعدة في آسيا وإفريقيا بكفاءة عالية، موضحًا أنَّ المصفاة تتميز بموقعها الاستراتيجي عند تقاطع المحيط الهندي وبحر العرب.
ولفَتَ إلى أنَّ مصفاة الدقم ترسم آفاقًا مستقبلية لقيام مشروعات اقتصادية مشتركة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تسهم في تعزيز الروابط الاقتصادية.
ونوَّه هلال الخروصي إلى أنَّ مصفاة الدقم أوْلَت القيمة المحلية المضافة كلَّ الاهتمام مواكبةً لخطط الحكومة الهادفة إلى إثراء الأسواق المحلية، حيث بلغ إنفاقها على العقود المبرمة مع موردين محليين حوالي 2.4 مليار دولار أميركي، تمثلت في الإنفاق على الخدمات المحلية بمبلغ قدره 1.7 مليار دولار أميركي، وإنفاق نحو 534 مليون دولار أميركي على المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة و182 مليون دولار أميركي لشراء منتجات مصنعة في سلطنة عُمان.
وذكر أنَّ المؤشرات الممتازة للمصفاة جاءت نتيجة للضوابط التي وضعها مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لإلزام الشركات بإنفاق ما لا يقلُّ عن 20 بالمئة على البضائع والخدمات المشتراة من البلاد، وإنفاق 10 بالمئة من المشتريات والخدمات من المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة.
وتبلغ نسبة التوطين في مصفاة الدقم 60 بالمئة، حيث يعمل 749 موظفًا وموظفة من 32 جنسية كجزء من قيم التنوع والشمولية وتبادل الخبرات والتميز في توفير ثقافة مؤسَّسية فاعلة، وخصصت مصفاة الدقم منذ عام 2018 نحو 114 منحة تعليمية محلية، و10 منح دولية، مع توفير 190 منحة تدريبية مُصممة خصيصًا لخريجي الدبلوم العالي من التخصصات الفنية.
وقد شهدت تلك الجهود نجاحًا ملحوظًا، حيث تمكَّن ما يزيد على 90 بالمئة من هؤلاء الطلاب من الحصول على فرص عمل مباشرة في مجموعة أوكيو، وشركة مصفاة الدقم، وشركات المقاولة العاملة معها، إضافة إلى نجاح المصفاة في توفير أكثر من 500 فرصة تدريبية مرتبطة بالتوظيف في العديد من شركات الإنشاءات، ودعمت المصفاة منذ عام 2014 التنمية المهنية والتعليمية لحوالي 500 ألف فرد دعمًا مباشرًا من خلال 110 منح ومشروعات في إطار برنامجها للاستثمار الاجتماعي.
وأضاف هلال الخروصي أنَّ مصفاة الدقم أوْلَت مجال الاستثمار الاجتماعي أهمية كبيرة، حيث أنفقت حوالي 5.4 مليون دولار أميركي في مجالات التعليم والصحة والنُّمو الاقتصادي والمسؤولية البيئية، وتم إطلاق 27 مشروعًا وبرنامج رعاية في عام 2023م.
من جانبه، وضح شافي طالب العجمي الرئيس التنفيذي لشركة البترول الكويتية العالمية، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية أنَّ إنشاء مصفاة الدقم في سلطنة عُمان يشكِّل منعطفًا تاريخيًّا مهمًّا في تجسيد العلاقات الاقتصادية المتنامية، ويعكس الرعاية والاهتمام اللذين تحظى بهما المصفاة من حكومتي البلدين.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إنَّ إنشاء مصفاة الدقم يوطد موقع البلدين في سوق الطاقة العالمي من خلال تجميع الموارد والخبرات ودفع عجلة التطوُّر التقني وتنمية البنية الأساسية في كلا البلدين، ما كان له بالغ الأثر في تشجيع الابتكار نحو المزيد من التقدّم في مجال الطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات، ويمثل المشروع جهة موحدة في إنتاج الطاقة وتوزيعها، ما يزيد من تأثير الشراكة في المناقشات والقرارات الدولية المتعلقة بالطاقة.
ونوَّه شافي العجمي إلى أنَّ مصفاة الدقم تجعل كلًّا من سلطنة عُمان ودولة الكويت أكثر فاعلية في قطاع الطاقة، لا سيما من حيث تسهيل تدفق التجارة بين الشرق والغرب، وفتح أسواق جديدة، خصوصًا في آسيا وإفريقيا، حيث ينمو الطلب على الطاقة باطِّراد، ويشكِّل هذا التعاون حافزًا لمزيد من التعاون الإقليمي في منطقة الخليج، وإلهامًا لمبادرات مماثلة بين الدول المجاورة ودافعًا نحو مزيد من الاستقرار الاقتصادي والنُّمو الشامل في منطقة الشرق الأوسط.
ووصف العجمي تجربة الاستثمار في سلطنة عُمان في مصفاة الدقم بالشراكة مع مجموعة أوكيو بأنَّها تجربة رائدة أسهمت في إنشاء هذا الصرح الصناعي الكبير، مؤكدًا على اعتزازه بما أنجزه العاملون في المشروع ومشيدًا بالجهود المبذولة التي أسهمت في تخطِّي التحدِّيات والصعوبات التي واجهها هذا المشروع الكبير.