الأربعاء 05 فبراير 2025 م - 6 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

الجمعيات الشبابية بين الاستقلالية والاندماج

الجمعيات الشبابية بين الاستقلالية والاندماج
السبت - 25 يناير 2025 02:32 م

نجوى عبداللطيف جناحي

10


تُعَدُّ فئة الشَّباب من أهمِّ الموارد البَشَريَّة للقِطاع الأهلي، فَهُم يُشكِّلون عنصرًا مُهمًّا بَيْنَ أعضاء الجمعيَّات بصورةٍ عامَّة، ولعضويَّتهم في الجمعيَّة، سواء في مجالس الإدارة أو في اللِّجان أهميَّة كبيرة؛ لِمَا يملكونه من طاقة وحيويَّة، وأفكار إبداعيَّة، وسعة في الوقت. فالجمعيَّات بأنواعها غالبًا ما تعتمد على الطَّاقات الشَّبابيَّة، إلَّا أنَّه يواجِه قِطاع المنظَّمات الأهليَّة تحدِّيًا كبيرًا لضمانِ استمراريَّته وتطوُّره وتَجدُّده، وهو ضمان دخول وتسجيل أعضاء شباب في الجمعيَّات لِيُجدِّدوا حيويَّة وفاعليَّة الجمعيَّة العموميَّة ومجالس الإدارة بشكلٍ مستمرٍّ فمشاركتهم كأعضاء أو متطوِّعين يُمكِّن الشَّباب من اكتساب الخبرة من زملائهم المتطوِّعين بالجمعيَّة الَّذين سبقوهم، وتتمكن المنظَّمة الأهليَّة من الاستفادة من الأفكار الجديدة وابتكار الطُّرق الكفيلة بتجديد المنظَّمة لِتتوافقَ مع متطلَّبات العصر. وتُعَدُّ مشاركة الشَّباب من الجنسيْنِ عنصرًا مُهمًّا وتحدِّيًا كبيرًا في هذا المجال، حيث ما زالتِ المنظَّمات الأهليَّة تواجِه مُشْكلة استقطاب الشَّباب للمشاركة في العمل الأهلي المَدَني.

وعلى الرَّغم من إقبال الشَّباب على المشاركة في الأنشطة التَّطوعيَّة في كثير من الأحيان، إلَّا أنَّ التزام الشَّباب بتنفيذ المهام الموكلة لَهُم أثناء تنفيذ الأنشطة يبقى أقلَّ ممَّا هو متوقَّع، ورُبَّما يَعُودُ ذلك إلى ارتباط الشَّباب بالتزامات أخرى وأهمُّها الدِّراسة، والارتباطات الأُسريَّة، ويُشكِّل عدم انضباط والتزام الشَّباب بالمهام الموكلة لَهُم، من أهمِّ التَّحدِّيات الَّتي تواجِه العمل التَّطوُّعي بشكلٍ عامٍّ، فالعمل التَّطوُّعي لا يكُونُ للتَّسليَّة، بل هو أمانة ومسؤوليَّة يَجِبُ على الشَّباب تحمُّلها وأداؤها بكفاءة عالية. إنَّ التَّحدِّي الأساس الَّذي تواجهُه المنظَّمات الأهليَّة في هذا المجال هو إيجاد ثقافة وقناعة بَيْنَ الشَّباب بأنَّ العملَ التَّطوُّعي هو التزام شخصي ووطني وبأنَّه مصدر لخبرةٍ عميقة يكتسبها الشَّاب في الكثير من المجالات كالقيادة والعمل الجماعي والتَّخطيط والإدارة والتَّمويل وغيرها.

وتشهد ساحة العمل الأهلي مبادرات جماعيَّة تطوُّعيَّة للشَّباب في مختلف المجالات الإنسانيَّة والخيريَّة والاجتماعيَّة، وهذه المبادرات تتَّصف بالابتكار والإبداع وغالبًا ما يكُونُ لَها الأصداء الإيجابيَّة، ويرصده أفراد المُجتمع في مختلف وسائل التَّواصُل الاجتماعي. وتلك المبادرات لها ثلاث صوَر وهي:

• أن تكُونَ تلك الأنشطة والمبادرات تحت مظلَّة إحدى المنظَّمات الأهليَّة كالجمعيَّات الخيريَّة، أو الجمعيَّات الاجتماعيَّة، أو جمعيَّات النَّفع العامِّ وغيرها، وهي مبادرات يشارك فيها الشَّباب والكبار، بل وحتَّى النَّاشئة، لِيكُونَ الاندماج بَيْنَ مختلف الأجيال والأعمار في مِثل هذه المبادرات.

• والصُّورة الثَّانية تكُونُ في شكلِ لجان شبابيَّة مُتخصِّصة، تحت مظلَّة هذه المنظَّمات الأهليَّة، فيعمل مجموعة من الشَّباب على تنفيذ بعض المبادرات بصورةٍ مُستقلَّة بعيدين عن مشاركة باقي أعضاء الجمعيَّة.

• أمَّا الصُّورة الثَّالثة فهي أن يستقلَّ الشَّباب في جمعيَّات شبابيَّة مُستقلَّة لها أنشطتها الخاصَّة وتعالجَ قضايا الشَّباب ومشاكلهم فقط.

ولكُلِّ صورة من هذه الصُّوَر إيجابيَّاتها وسلبيَّاتها، ويرجع ذلك لنَوعِ احتياجات المُجتمع، وخصائصه وطبيعته، وقد تستخدم هذه الصُّوَر الثَّلاث في الكثير من المُجتمعات، وفي الوقت نَفْسه تنشأ لجان شبابيَّة، تُقدِّم برامج دعم وتمكين الشَّباب، وفي الوقت نَفْسه تنشأ جمعيَّات شبابيَّة مُتخصِّصة.

وفي تقديري أنَّ الاندماج بَيْنَ مختلف الأجيال في العمل التَّطوُّعي، ظاهرة صحيَّة يَجِبُ الاهتمام بها ودعمها وتشجيعها، فكسرُ الحواجز بَيْنَ الأجيال، ودمجهم معًا في فِرق عمل تنشط لتنفيذِ مبادرات وأنشطة مشتركة تسعَى لِتَحقيقِ أهداف وغايات واحدة، يسهل تبادل الخبرات بَيْنَ الأجيال ونقلِ المعرفة من جيلٍ إلى آخر بشكلٍ سَلسٍ وآمِن، ممَّا يَضْمن تحقيق أفضل النَّتائج، فعمل الشَّباب والكبار معًا في فِرق عمل متجانسة، تهدف لخدمة المُجتمع بصُورةٍ منسجمة، يُحقِّق الاستدامة والاستمراريَّة في عمليَّة البناء. إنَّ دمجَ فئاتِ المُجتمع معًا في العمل التَّطوُّعي من كبار وشباب ونساء ورجال ومعوّقين ومُسنِّين يُحقِّق المزيد من التَّماسُك والاندماج الاجتماعي. وهذا التَّماسك والاندماج يُعزِّز مبدأ التَّكامل. وهنا نذكِّر المجالس القديمة الَّتي كان يجالس فيها الشَّباب والصِّغار الكبار لِيتعلَّموا مِنْهم حتَّى قالوا قديمًا مجالسنا مدارسنا... ودُمْتُم أبناء قومي سالِمِين.

نجوى عبداللطيف جناحي

كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية

متخصصة في التطوع والوقف الخيري

[email protected]

Najwa.janahi@