الأربعاء 05 فبراير 2025 م - 6 شعبان 1446 هـ
أخبار عاجلة

رجب بين الفضل والفضائل «2»

الأربعاء - 22 يناير 2025 04:09 م
10

أيها الأحبة.. لا نزال مع شهر الله المحرّم (رجب) وما ذكر عنه من فضل وما جاء فيه من فضائل، (فَفِي رَجَبٍ حُمِلَ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ، فَصَامَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَرَ مَنْ مَعَهُ أَنْ يَصُومُوا وَجَرَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِلَى آخِرِ ذَلِكَ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَفِيهِ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم)(فضائل الأوقات للبيهقي، ص:93)، و(عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ:«اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ)(المرجع السابق، ص: 104).

وذكر صاحب (لطائف المعارف لابن رجب، ص: 121): (شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة قال أبو بكر الوراق البلخي: شهر رجب شهر للزرع وشعبان شهر السقي للزرع ورمضان شهر حصاد الزرع وعنه قال: مثل شهر رجب مثل الريح ومثل شعبان مثل الغيم ومثل رمضان مثل القطر). وروى الإمام البيهقي (ص:96): (والأحاديث الواردة في صومه أو صوم شيء منه وإن كانت ضعيفة فإنها مما يعمل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند عامة العلماء في مثل ذلك استحباب صيام رجب، وقرروه في كتبهم، حتى وإن كان ذلك الشهر ليس تاليًا له ينبغي أن يحرص المسلم على العمل بفضائل الأعمال التي منها صيام رجب سواء كله أو بعضه، ولو مرة واحدة في العمر، ليكون من أهل ذلك الفضل)،وقال الإمام النووي في (الأذكار، 132):(اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء في فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة، ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقًا، بل يأتي بما تيسر منه، لقول النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث المتفق على صحته: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فأْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطعْتُمْ»).

فعلى المسلم أن ينتهز الفرصة بمزيد من العمل في هذا الشهر الفضيل فإن له فضل عظيم، وأن يغتنم هذه الأوقات بالطاعات فيزيد من عمل الخيرات والإكثار من الأفعال الصالحة، ومنها الصيام:(عَنْ مُجِيبَةَ الْبَاهِلِيَّةِ، عَنْ أَبِيهَا أَوْ عَمِّهَا أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ثُمَّ انْطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ مَلَامِحُهُ وَهَيْئَتُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ:»عَرِّفْ أَنْتَ» قَالَ: أَنَا الْبَاهِلِيُّ الَّذِي جِئْتُكَ عَامَ أَوَّلَ، قَالَ:«فَمَا غَيَّرَكَ، وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ» قَالَ: مَا أَكَلْتُ طَعَامًا مُنْذُ فَارَقْتُكَ إِلَّا بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«عَذَّبْتَ نَفْسَكَ» ثُمَّ قَالَ:«صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ:«صُمْ يَوْمَيْنِ» قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ:«صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ:«صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ» فَقَالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ فَضَمَّهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا»، قَالَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْخَبَرِ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ أَنْ يَصُومَ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ بَعْضًا وَيَتْرُكَ بَعْضًا، وَكَذَلِكَ كَانَ يَصُومُ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ هَذِهِ الْأَشْهُرِ»، «وَبَقِيَتْ حُرْمَةُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي تَضْعِيفِ الْأُجُورِ وَالْأَوْزَارِ فِيهِنَّ، حَتَّى خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ بِزِيَادَةِ الْمَنْعِ فِيهِنَّ عَنِ الظُّلْمِ، وَإِذَا كَانَ الذَّنْبُ فِيهِنَّ أَعْظَمَ وِزْرًا كَانَ الْبِرُّ فِيهِنَّ أَكْثَرَ أَجْرًا، وَقَدْ رُوىَّ أن الصَّوْمِ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ هُوَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـففِي الْخَبَرِ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ أَنْ يَصُومَ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ بَعْضًا وَيَتْرُكَ بَعْضًا، وَكَذَلِكَ كَانَ يَصُومُ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ هَذِهِ الْأَشْهُرِ) (فضائل الأوقات للبيهقي،ص:86)، وَقَدْ رُوِيَ فِي فَضِيلَةِ صَوْمِ رَجَبٍ أَحَادِيثُ فِي أَسَانِيدِهَا بَعْضُ الضَّعْفِ منها: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ صَوْمِ رَجَبٍ كَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ:لَا يَصُومُ)(المرجع سابق، ص:90).. وللحديث بقية.

محمود عدلي الشريف

 [email protected]