الخميس 23 يناير 2025 م - 23 رجب 1446 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : رؤية مستقبلية لتعزيز التنمية الاقتصادية

الأربعاء - 22 يناير 2025 06:36 م

رأي الوطن

10


تعمل سلطنة عُمان، بتَوجيهات سامية من حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ، على تعزيز موقعها كوجهةٍ استثماريَّة رائدة على المستويَيْنِ الإقليمي والدّولي. وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية «عُمان 2040» الَّتي تسعَى لِتَحقيقِ تنويع اقتصادي مستدام، وتعمل على تحقيق ذلك عَبْرَ مجموعة من السِّياسات تهدف إلى تخفيف الأعباء الماليَّة عن المستثمرِين وتعزيز قدرتهم على التَّوسُّع في مشاريعهم، ومن أبرز الأدوات المستخدمة لِتَحقيقِ هذه الأهداف توفير بيئة استثماريَّة مُحفِّزة تتميَّز بالاستقرار والتَّنافسيَّة. وتتضمَّن المبادرات الأخيرة حزمة حوافز مبتكرة في المناطق الحُرَّة، مِثل الإعفاء من المديونيَّات بنسبة (30%) وتخفيض الإيجارات بنسبة (50%) لِمدَّة خمس سنوات، كما تسعَى الحكومة لِتَطويرِ البنية الأساسيَّة الرَّقميَّة واللوجستيَّة، ممَّا يُسهم في تسهيل العمليَّات الاستثماريَّة وزيادة جاذبيَّة سلطنة عُمان للشَّركات الدّوليَّة.

ومن هذا المنطلَق، تُمثِّل المناطق الحُرَّة والمُدُن الصِّناعيَّة في سلطنة عُمان مراكز جذب رئيسة للاستثمارات النَّوْعيَّة، وتُعَدُّ المنطقة الحُرَّة بالمزيونة نموذجًا مميَّزًا لِنَجاحِ هذه الاستراتيجيَّة، حيثُ أصبحتْ بوَّابةً تجاريَّة تربط بَيْنَ السَّلطنة ودوَل الجوار. فالبنية الأساسيَّة المُتطوِّرة للمنطقة الحُرَّة، بما في ذلك شبكات الطُّرق والطَّاقة والمَرافق التَّخزينيَّة، توفِّر بيئةً متكاملة تدعمُ مختلفَ الأنشطةِ الاقتصاديَّة. وبالمِثل شهدتِ المنطقة الحُرَّة بصحار تطوُّرًا ملحوظًا بفضلِ مشاريعَ كُبرى مِثل منشأة إنتاج البولي سيليكون ومصنع لتركيز خام الحديد.. هذه المشاريع تؤكِّد أهميَّة تعزيز الشَّراكات مع الشَّركات العالَميَّة، وتُشكِّل ركيزةً لزيادةِ قِيمة القِطاعات الصِّناعيَّة واللوجستيَّة، علاوةً على ذلك، تُعَدُّ هذه المناطق عنصرًا محوريًّا في تحقيق أهداف التَّنمية المستدامة عَبْرَ توفير فرص عمل وتشجيع الابتكار.

ولعلَّ أبرزَ ما يُميِّز تلك المناطق الحُرَّة أنَّها مرتبطة بموانئ مِثل صلالة وصحار والدُّقم، وتحتلُّ الموانئ العُمانيَّة موقعًا استراتيجيًّا يجعلها حلقةَ وصْلٍ بَيْنَ الأسواق الإقليميَّة والعالَميَّة، ما يُعزِّز قدرتها على استقطاب الاستثمارات. فميناء صحار، على سبيل المثال، سجَّل نُموًّا لافتًا في مناولة البضائع بنسبة (77%) في عام 2024، إلى جانب زيادة في عمليَّات المسافنة. كما تمَّ استقطاب استثمارات كُبرى تجاوزتْ قِيمتها (1.5) مليار ريال عُماني، شملتْ مشاريع طاقة نظيفة وصناعات متقدِّمة. كذلك يؤدِّي ميناء الدُّقم وميناء صلالة أيضًا دَوْرًا حيويًّا في تعزيز التِّجارة الإقليميَّة والدّوليَّة؛ بفضلِ تجهيزاتِهما المُتطوِّرة وخدماتهما اللوجستيَّة المتكاملة. هذه الموانئ لا تعمل فقط كبوَّابات اقتصاديَّة، بل تُسهمُ أيضًا في جذب صناعات جديدة، ممَّا يجعلُها ركيزةً أساسيَّة لِتَحقيقِ النُّمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدَّخل.

ترتكز جهود الحكومة العُمانيَّة على تحقيق تكامل بَيْنَ المناطق الحُرَّة، والمُدُن الصِّناعيَّة، والموانئ لِتَطويرِ منظومة اقتصاديَّة متكاملة ومستدامة، هذه الرُّؤية تتطلَّب توفير سياسات مَرِنة تدعمُ جذب الاستثمارات النَّوْعيَّة، وتُعزِّز الابتكار والاقتصاد القائم على المعرفة في القِطاعات الاستراتيجيَّة مِثل الطَّاقة النَّظيفة والصِّناعات التَّحويليَّة، وذلك من خلال التَّعاون مع القِطاع الخاصِّ والمستثمرِين الدّوليِّين لجذبِ رؤوسِ أموالٍ محليَّة ودوليَّة؛ بهدفِ تحقيقِ نُموٍّ اقتصادي شامل يستند إلى الاستدامة والابتكار في سلطنة عُمان.. ومع استمرارِ المشاريع الكُبرى مِثل تطوير ميناء صحار والمنطقة الحُرَّة بالمزيونة، تمضي عُمان بخُطًى واثقة نَحْوَ تحقيق أهدافها التَّنمويَّة الَّتي تنوِّع الاقتصاد لِتخلقَ مستقبلًا واعدًا، ما يُرسِّخ مكانتها كوجهةٍ اقتصاديَّة عالَميَّة ومركزًا محوريًّا للتِّجارة والصِّناعة والاستثمار.