الخميس 23 يناير 2025 م - 23 رجب 1446 هـ
أخبار عاجلة

القوة الناعمة للسيدة الجليلة.. ركيزة التنمية وتمكين المرأة فـي عُمان

القوة الناعمة للسيدة الجليلة.. ركيزة التنمية وتمكين المرأة فـي عُمان
الأحد - 19 يناير 2025 03:50 م

المنتصر بن زهران الرقيشي

160


القوَّة النَّاعمة، وهي في أبسط صوَرها القدرة على التَّأثير في الآخرين من خلال الجاذبيَّة الثقافيَّة والقِيَم الإنسانيَّة والسِّياسات الإيجابيَّة، وهي تُعَدُّ واحدة من أقوى مهارات الذَّكاء العاطفي والاجتماعي؛ كونها أداة رئيسةً في تعزيز مكانة الدوَل والأفراد أين كان موقعهم، حيثُ تُسهم في بناء صورة إيجابيَّة واستقطاب الدَّعم الدّولي والمحلِّي.

في هذا السِّياق، تظهر أهميَّة القوَّة النَّاعمة في قدرتها على ترسيخ الثِّقة وتعزيز الرَّوابط المُجتمعيَّة وإلهام الأفراد لتحقيقِ الأهداف المشتركة. ومن هذا الصَّحيفة وبكُلِّ جرأة دعوني أتحدَّث عن السَّيِّدة الجليلة حرم جلالة السُّلطان المعظم ـ حفظهما الله ورعاهما ـ، من خلال زياراتها وجولاتها المُجتمعيَّة، تمكَّنتْ هذه السَّيِّدة الكريمة في قلوبنا من تجسيد هذا النَّهج بأُسلوب يعكس رؤية سلطنة عئُمان وتطلُّعاتها نَحْوَ مستقبل أكثر إشراقًا.

منذُ توَلِّي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ أعزَّه الله ـ مقاليدَ الحُكم في يناير 2020، اتَّخذتِ السَّيِّدة الجليلة منهج زيارات ميدانيَّة شملتْ مراكز المرأة والطِّفل في مختلف المحافَظات العُمانيَّة.. ولِمَن لا يدرك، فالسَّيِّدة الجليلة كان والدها، السَّيِّد عبدالله بن حمد البوسعيدي، من الشَّخصيَّات البارزة في المُجتمع العُماني، وهذا الإرث الثَّقافي والاجتماعي العميق انعكس في أُسلوبها المُجتمعي ودَوْرها الرِّيادي في تنمية المراكز الأُسريَّة.. فلقَدْ كان لزيارتها لمراكز التَّنمية الاجتماعيَّة ورعاية الأطفال أهداف واضحة تُعزِّز من مكانة المرأة والطِّفل في المجتمع، سواء من خلال دعم المبادرات التَّنمويَّة أو التَّأكيد على أهميَّة الإنسان كركيزة أساسيَّة للتَّنمية.

زارتِ السَّيِّدة الجليلة في مطلع العام الماضي عددًا غير بسيط من مؤسَّسات الرِّعاية الاجتماعيَّة، كما قامتْ بزيارة تفقديَّة لمركز رعاية الطُّفولة التَّابع لوزارة التَّنمية الاجتماعيَّة بولايات مختلفة للاطِّلاع على الخدمات وبرامج الرِّعاية الأُسريَّة المُقدَّمة للأطفال الأيتام، وفي عدد من اللِّقاءات ركَّزتِ السَّيِّدة الجليلة في حديثها على أهميَّة تمكين المرأة اقتصاديًّا واجتماعيًّا من خلال المشروعات الصَّغيرة والمتوسِّطة، بالإضافة إلى ذلك، برعاية السَّيِّدة الجليلة، احتفلتْ شُرطة عُمان السُّلطانيَّة بتخريج دفعة من الشُّرطة النِّسائيَّة، وهو الأمْرُ الَّذي أوضحَ جليًّا دعمها لِدَوْر المرأة في مختلف القِطاعات الحيويَّة.

من خلال هذه الجولات والزِّيارات، قدَّمتِ السَّيِّدة الجليلة نموذجًا للقوَّة النَّاعمة الَّتي تُعَدُّ أداةً سياسيَّة أقوى من القوَّة الصُّلبة، فقَدْ أظهرتِ التزام السَّلطنة بالقِيَم الإنسانيَّة، ممَّا انعكسَ إيجابًا على التَّقارير الدّوليَّة المتعلِّقة بالمساواة وتمكين المرأة. ونحن في عُمان كنَّا دومًا سبَّاقين في هذا الأمْرِ.. فعلى سبيل المثال، أشارتْ تقارير صادرة عن الأُمم المُتَّحدة إلى تحسُّنٍ ملحوظ في مؤشِّرات تمكين المرأة العُمانيَّة، خصوصًا في مجال التَّعليم والاقتصاد.

بالمجمل، تُعَدُّ جهود السَّيِّدة الجليلة مصدر إلهام للمرأة العُمانيَّة، حيثُ ساعدتْ في تعزيز الثِّقة في قلبِ المرأة العُمانيَّة وتشجيعها على المشاركة الفاعلة في مختلف القِطاعات. وقد أكَّدتِ السَّيِّدة الجليلة من خلال تفضُّلها بهذا النَّشاط على أهميَّة الحفاظ على القِيَم الثَّقافيَّة والاجتماعيَّة العُمانيَّة، مع تعزيز الانفتاح على العالَم، وهو ما يؤكِّد ارتباط سلطنة عُمان بتراثها العريق، وفي الوقت نَفْسه قدَّمتْ نموذجًا نَحْوَ التَّطلُّع نَحْوَ مستقبل حديث ومُتجدِّد، ولطالَما كانتِ السَّلطنة سبَّاقةً في مجال تمكين المرأة.. فمنذُ عهدِ السُّلطان الرَّاحل قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ بدأتْ مَسيرة تمكين المرأة بفتحِ أوَّل مدرسة للفتيات في عام 1970، كما أنَّ المرأة العُمانيَّة أدَّت دَوْرًا بارزًا في مختلف المجالات ومِنْها الادعاء العام، حيثُ ارتفعتْ نسبة تمثيل النِّساء في هذا القِطاع إلى مستويات غير مسبوقة، ممَّا يُظهر تقدُّمًا ملحوظًا في تعزيز مكانة المرأة في مختلف جوانب الحياة العامَّة.

تُعزِّز زيارات السَّيِّدة الجليلة الرَّوابط المُجتمعيَّة، وتسلِّط الضَّوء على أهميَّة دَوْر المرأة في التَّنمية المستدامة، وهذا النَّشاط يُبرز هذه الجهود للسَّلطنة كدولةٍ تُعلي من شأن القِيَم الإنسانيَّة، فالمُجتمع العُماني نموذج فريد للتَّكامل بَيْنَ الرَّجُل والمرأة، حيثُ يُسهم كلاهما في بناء الوطن وتحقيق التَّنمية المستدامة.

هذا التَّكامل بَيْنَ الرَّجُل والمرأة في المُجتمع العُماني يعكسُ قوَّة النَّسيج الاجتماعي، حيثُ يعمل الجميع جنبًا إلى جنبٍ لتحقيقِ الأهداف السَّامية في بناء عُمان، وتُجسِّد السَّيِّدة الجليلة مفهوم القوَّة النَّاعمة في أبهَى صوَرها وذلك من خلال جولات ميدانيَّة وزيارات مؤثِّرة، أسهمَتْ في تعزيز مكانة المرأة العُمانيَّة وتحفيزها، مع ترسيخ صورة السَّلطنة كدَولةٍ تجمع بَيْنَ التُّراث الثَّقافي والرُّؤية التَّنمويَّة الحديثة. إنَّ هذه الجهود تعكسُ رؤية عُمان الطَّموحة لمستقبلٍ أكثر إشراقًا واستدامة، ممَّا يجعلها نموذجًا يُحتذى به على المستويَيْنِ الوطني والدّولي. قد يكُونُ العنوان الأنسَب لوصفِ هذه الجهود هو: «القوَّة النَّاعمة للسَّيِّدة الجليلة: ركيزة التَّنمية وتمكين المرأة في عُمان»، وهو ما يُبرز القِيمة الفعليَّة لهذه الإنجازات بعيدًا عن التملُّق، ولكنَّه يعكسُ الحقيقة بحياديَّة وموضوعيَّة.

المنتصر بن زهران الرقيشي

[email protected]