الأربعاء 15 يناير 2025 م - 15 رجب 1446 هـ
أخبار عاجلة

غزة انتصرت .. فلا نامت أعين المتخاذلين

غزة انتصرت .. فلا نامت أعين المتخاذلين
الأربعاء - 15 يناير 2025 02:50 م

خميس بن عبيد القطيطي

20


بعد صمود أسطوري أمام أعتَى عدوان سجَّله التَّاريخ، خرجتِ المقاوَمة العربيَّة الفلسطينيَّة في قِطاع غزَّة بعد عام ونصف كطائرِ العنقاء رافعةً رأسَها بالنَّصر، بل رفعتْ رأسَ أُمَّةٍ كاملة تخلَّتْ عَنْها واكتفتْ بالشَّجب والتَّنديد وكأنَّ أطفالَ ونساءَ غزَّة يعيشون في كوكب آخر؟! وكأنَّ قِطاع غزَّة لم يَعُدْ ضِمْن التَّاريخ والجغرافيا العربيَّة الإسلاميَّة؟! فقَدْ تخاذلَ النِّظام الرَّسمي العربي والإسلامي عن الانتصار لأولئك الأطفال والنِّساء الأبرياء، وقدَّم صورةً بائسة أنَّه ليس في وسعِه أيُّ شيء يُقدِّمه لغزَّة فصمدَتْ تلك الفئة القليلة من المؤمنين حتَّى تحقَّقَ ما وعَدَ الله في أعظم معركة من معارك الله الكُبرى. وللأسف، استمرَّ أولئك المتخاذلون يتشدَّقون بالسَّرديَّة الصُّهيونيَّة أنَّ غزَّة دُمِّرتْ، وأنَّها لم تكُنْ مستعدَّةً لِتُجابِهَ أعتَى قوى الأرض، ولم يتأفَّف أولئك المتخاذلون من تقديم تلك المفاهيم المبتورة دُونَ تَمعُّن في معاني الصُّمود ودلالات معركة طوفان الأقصى، وتلك الملحمة الَّتي فاقتْ كُلَّ ملاحم التَّاريخ في الصُّمود والانتصار والارتباط الوثيق بَيْنَ المقاوَمة والحاضنة الشَّعبيَّة فقدَّم لنَا أطفال ونساء غزَّة دروسًا في معاني العزَّة والكبرياء. فلا نامتْ أعيُنُ الجبناء!!

اليوم يتوقف العدوان راكعًا أمام أعظَم حالة نضاليَّة عربيَّة إسلاميَّة سجَّلها التَّاريخ، فلم ترفعْ غزَّة الرَّاية البيضاء كما كان يتوقَّع طواغيتُ العدوِّ، ولم يُحقِّقِ العدوُّ أهدافه كما أعلَنَها منذُ بداية العدوان البربري على قِطاع صغير لم يتجاوزْ (265) كيلومترًا مربَّعًا رغم حجمِ العدوان الَّذي اشترك به أعتى قوى الشَّر والعربدة الدّوليَّة من قوى الاستعمار مشاركة فعليَّة بالسِّلاح والذَّخائر والدَّعم غير المحدود سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا وعسكريًّا، فأعلنوا منذُ اليوم الأوَّل دعمَ العدوانِ الصهيوني في مجابهة رِجال الطوفان عَبْرَ بيانٍ مشترك، وهم ـ بلا شكٍّ ـ يدعمون أكبر قاعدة عدوان غربيَّة متقدِّمة في المشرق العربي وبدأتْ منذُ اليوم الأوَّل جسور الذَّخائر والعتاد والسِّلاح والدَّعم اللوجستي، بل والمشاركة في الأعمال القتاليَّة رغم السُّقوط الأخلاقي الكبير. فلم تكُنْ تلك القوى الشَّيطانيَّة تُدرك معنى الصُّمود، وأنَّ طوفان الأقصى إنَّما كان بأمْرٍ إلهي، حيثُ قال سبحانه وتعالى: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» وقال تعالى: «ادخلوا عَلَيْهم الباب فإذا دخلتموه فإنَّكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتُم مؤمنين» صدَقَ اللهُ العظيم. فكان رِجال الله على الوعد: نصرٌ من الله وفتحٌ قريب وبَشِّر المؤمنين، وسيعلَمُ الَّذين ظَلَمُوا أيَّ منقلبٍ ينقلبون.

ما حدَث منذُ السَّابع من أكتوبر عام 2023م حتَّى اليوم ضربَ أروع الأمثلة وأكَّد مفاهيم ربانيَّة ثابتة وراسخة، فمَن يقف مؤمنًا بالله ومنفذًا لأوامر الله ليس كمَن يقف مؤمنًا بقوى الشَّيطان وأُمنياته. ولا شكَّ أنَّ النَّصرَ سوف يتحقَّق على يَدِ أولئك الرِّجال المؤمنين فقال تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» وقال تعالى: «قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عَلَيْهم ويشفِ صدور قوم مؤمنين» صدَق الله العظيم. ألَا يكفي أبناء الأُمَّة هذا البيان الَّذي ورَدَ في هذا الدّستور الإلهي القويم؟! لكنَّ فئة المُتخاذلين الَّذين يعترفون بقوى الشَّر وقدرات الشَّيطان يتناسون قدرة الله، ونحن نقول: غزَّة انتصرتْ وفشِلَ العدوان وداعموه والمتواطئون في إخضاع غزَّة؟! وما زال أبناء غزَّة باقين على الأرض، وما زالت صواريخ المقاوَمة باقيةً، وما زالتِ الكمائنُ بشكلٍ يومي تخرج من تحت الأنقاض والرُّكام! ألَا فقَدْ ربحَ البيعَ أولئك المؤمنون الصَّابرون في غزَّة، ألَا إنَّ نصرَ الله قريب، وما هي إلَّا جولة من جولات النَّصر والوعد الإلهي الصَّادق بالنَّصر والتَّمكين. اليوم ركعَ العدوُّ الصهيوني أمام شَعبٍ عظيم أراد الحياة بكرامة فحقَّ له الانتصار. فإذا كان العدوُّ قدِ انتصرَ كما يزعم، فلماذا يذعن لهذه المفاوضات بالصِّيغة الَّتي قَبل بها أبطال المقاوَمة في غزَّة وفلسطين؟ فهنيئًا لَكُم يا أبطال حماس وجميع فصائل المقاوَمة الفلسطينيَّة.. نَعم لقَدْ شفَى الله صُدورَ قومٍ مؤمنين، ومَنِ ارتقَى فقَدْ نالَ إحدى الحُسنيَيْنِ، وما دمَّره العدوان حتمًا سيُعاد إعماره، فرغم الهول الكبير والعدوان الَّذي فاقَ المدَى وسياسة التَّجويع والحصار والبرد والأمطار والخوف والقتل والأسْر والهمِّ والدَّمار والإبادة، لقَدْ قابلتُم كُلَّ تلك المصائب بالإيمان والصَّبر واليقين بالنَّصر المُبين، فلم يستطعِ العدوُّ تحقيقَ أيٍّ من أهداف العدوان الَّتي أعْلَنَها ويكفيكم فخرًا أنَّكم لم تهجروا أرضكم وكانت قافلة الشَّهادة تمرُّ عَلَيْكم صباح مساء في مشهدٍ يندَى له جَبِين الإنسانيَّة.. نَعم لقَدْ عرَّفتُم العالَم بقضيَّتكم وأخزَى الله عدوَّكم ورضخَ لوقفِ إطلاق النَّار وفق الصّيغة الَّتي وافقتِ المقاوَمة عَلَيْها وسلَّم بالانسحاب وتنفيذ صفقة التَّبادل، بَيْنَما المقاوَمة باقية وأنتُم باقون على ترابكم.. لقَدْ شرَّفكُم الله بالنَّصر، فوالله لم نشكّ لحظةً في انتصاركم الَّذي وعدَكم الله، فأنتُم أولياؤه وأنتُم المؤمنون الصَّابرون.. إن يمسسكم قرحٌ فقَدْ مسَّ القومَ قرحٌ مِثله وتلك الأيَّام نداولها بَيْنَ النَّاس، كما قال سبحانه. فالحمدلله الَّذي صدَق وعْدَه وأعزَّ جندَه ونصرَ عبدَه وهزمَ الأحزابَ وحْدَه.. الله أكبر ولله العزَّة ولرسولِه وللمؤمنين.

خميس بن عبيد القطيطي

[email protected]