الأربعاء 15 يناير 2025 م - 15 رجب 1446 هـ
أخبار عاجلة

التوصل لاتفاق ينهي مجازر غزة

التوصل لاتفاق ينهي مجازر غزة
الأربعاء - 15 يناير 2025 02:43 م

جودة مرسي


أثناء كِتابة هذه السُّطور قد يكُونُ أعلن عن التَّوصُّل إلى اتِّفاق وقف لإطلاق النَّار في قِطاع غزَّة، وإطلاق سراح الأسرَى والرَّهائن لدَى المقاوَمة الفلسطينيَّة، بعد رضوخ قادة الاحتلال إلى مطالب المقاوَمة الفلسطينيَّة الباسلة، حيث إنَّ بنودَ الاتِّفاق الَّتي تتمُّ على ثلاث مراحل كُلّ مرحلة (42) يومًا كان قد فرضتها المقاوَمة ورفضَها الكيان المحتلُّ برئاسة الإرهابي رئيس وزراء الكيان المحتلِّ، الَّذي رضخَ للمطالب بعد فشلِه في تحقيق أيٍّ من أهدافه العسكريَّة، سواء بالقضاء على المقاوَمة أو الإفراج عن الأسرَى عسكريًّا، أو تهجير الفلسطينيِّين خارج قِطاع غزَّة، والاتِّفاق قريب جدًّا لِمَا تمَّ الاتِّفاق عَلَيْه في الـ(6) من مايو الماضي وتمَّ رفضُه حينها، وهذا يعني أنَّ المقاوَمة لم تتنازلْ عن أيٍّ من بنود الاتِّفاق منذُ بدءِ التَّفاوض، وستشمل المرحلة الأُولى تعليق مؤقَّت للعمليَّات العسكريَّة بَيْنَ الطَّرفَيْنِ وانسحاب القوَّات العسكريَّة لجيش الاحتلال شرقًا وبعيدًا عن المناطق المأهولة بالسكَّان إلى طول الحدود مع قِطاع غزَّة، وبالفعل قام جيش الاحتلال بتفكيك مُعدَّاته في منطقة نتساريم، ممَّا يؤكِّد الأنباء الَّتي قالتْ إنَّ الاتِّفاق الَّذي تمَّ في طريقه للتَّنفيذ، كما ينصُّ الاتِّفاق على تعليق الضَّربات الجويَّة لجيش الاحتلال، عودة النَّازحين إلى مناطق سكنهم بالشَّمال، ثمَّ يلي ذلك مراحل الإفراج عن أسرَى الكيان المحتلِّ مقابل الإفراج عن حوالي (1500) أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، والسَّماح بمرور المساعدات الإنسانيَّة والمواد الغذائيَّة، والبدء في خريطة إعمار غزَّة، ووقف دائم لإطلاق النَّار بَيْنَ الطَّرفَيْنِ. ونتيجة هذا الاتِّفاق إن تمَّ فهي أتَتْ بعد صمود بطولي لأبطال المقاوَمة لأكثر من عام والَّذين صمدوا أمام حرب الإبادة الجماعيَّة الَّتي يشنُّها الاحتلال وأعوانه وتدمير كامل للقِطاع، بل ما زالوا يكبِّدونه العديد من الخسائر البَشَريَّة والعسكريَّة.

حين يحجم صريم الليل نور النهار

يشاهد العالَم ـ منذُ أسبوع فائت وإلى الآن وهو في منتهى العجز ـ أطلالًا لمنازل تاريخيَّة وقصورًا فاخرة، وأبراجًا عاتية سكنَها مَن يطلقون على أنْفُسهم أغنياء العالَم وصفوته، ما تسبَّب في آثار إنسانيَّة تفوق الخسائر الماديَّة. إنَّها مأساة إنسانيَّة أكثر مِنْها كارثة طبيعيَّة، ممَّا يعني بوضوح لكُلِّ ذي عقل هشاشة الحياة أمام قوَّة الطَّبيعة، كما قال تعالى في سورة البقرة: (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يُبَيِّن الله لكم الآيات لعلَّكم تتفكرون). إنَّ الحرائق الَّتي اجتاحت ولاية كاليفورنيا فتحوَّلتْ معها لوس أنجلوس من مدينة نابضة بالحياة لا تطفئ أنوارها المشعَّة بساكنيها نجوم المال والفنِّ والسِّياسة، حوَّلتِ المدينة إلى مسرح لحطام النَّار بعد أن تبدَّلتْ سماؤها ليلًا من وهَج النُّور والنُّجوم إلى لهيب يبثُّ نوره شعاع النَّار، لينالَ التَّدمير كُلَّ شيء هوليوودي (مسارح وسينما وقاعات للاحتفالات وتوزيع الجوائز حتَّى معبد باسادينا اليهودي دمِّر بالكامل فأصبح كالصَّريم). ولأنَّنا لسْنَا من المتصوِّفين، ولم ننلْ بعد شرف هذا الوصف إلَّا أنَّنا نقتبس ممَّا ينشدون ويُشيرون حين تلتهم النَّار مكانًا كان عامرًا بالجَمال فتتحوَّل القصور إلى أطلال، والحدائق إلى رماد فيحجب صريم اللَّيل نور النَّهار بنيران لا تبقي ولا تذر، مُخلِّفةً وراءها مقتل العشرات وهجرة الآلاف، ثمَّ يأتي على الخاطر ما هدَّد به دونالد ترامب من تحويل الشَّرق الأوسط إلى جحيم، فنرى الجحيم يسري في مدينته المفضَّلة، فهل هي مجرَّد مصادفة أم رسالة كونيَّة لكُلِّ مَن يتجبَّر في الأرض فيكُونُ العقاب أشدَّ ممَّا يتخيل؟ فهل اقتربتِ السَّاعة وانشقَّ القمر؟

جودة مرسي

[email protected]

من أسرة تحرير « الوطن»