السبت 18 يناير 2025 م - 18 رجب 1446 هـ

رأي الوطن : شراكة استراتيجية تعزز الأمن والتنمية والاستقرار

الثلاثاء - 14 يناير 2025 06:35 م

رأي الوطن

40


تُمثِّل العلاقات بَيْنَ سلطنة عُمان ومملكة البحرين نموذجًا فريدًا للتَّعاون الثُّنائي على الصَّعيدَيْنِ الخليجي والعربي، حيثُ تعكس هذه العلاقات المميَّزة عُمق الرَّوابط التَّاريخيَّة والسِّياسيَّة الَّتي تجمع البلدَيْنِ. وقد تطوَّرتْ هذه العلاقات بشكلٍ مستمرٍّ في ظلِّ القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم، وأخيه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين ـ حفظهما الله ورعاهما ـ حيثُ شهدتِ العلاقات الثُّنائيَّة تطوُّرًا ملحوظًا بفضلِ الرُّؤية السَّديدة لقائدَي البلدَيْنِ الشَّقيقَيْنِ، اللَّذيْنِ أوْلَيَا اهتمامًا كبيرًا لتعزيزِ الرَّوابط الثُّنائيَّة، ليسَ فقط في الإطار الخليجي، بل أيضًا على المستويَيْنِ العربي والدّولي. وأحدَثتِ اللِّقاءات الَّتي جمعتِ القيادتَيْنِ نقلةً نَوْعيَّة في العلاقات الثُّنائيَّة، وأكَّدتْ حرصهما على الدَّفع بعجلةِ التَّعاون لتحقيقِ المصالح المشتركة، وتعزيزِ الدَّوْر الرِّيادي لدوَل الخليج العربي في حفظِ الأمن والاستقرار والسَّلام.

وتُشكِّل زيارة الدَّولة الَّتي يَقُومُ بها العاهل البحريني، والَّتي يلتقي خلالها بجلالة السُّلطان المُعظَّم، فرصةً جديدة للدَّفعِ بالعلاقات العُمانيَّة البحرينيَّة إلى آفاقٍ أرحَبَ، حيثُ تُعَدُّ السَّلطنة والبحرين شريكَيْنِ استراتيجيَّيْنِ في دعمِ التَّكامل الخليجي، ويمتلكانِ طموحًا كبيرًا لتنويعِ الاقتصاد من خلال التَّركيز على قِطاعات مِثل الطَّاقة المُتجدِّدة، والخدمات اللوجستيَّة، والسِّياحة، وغيرها من القِطاعات الَّتي تملك الدَّولتانِ مُقوِّمات قويَّة فيها، بالإضافة إلى تعزيز قِطاعَيْهما المالي والصِّناعي. وبفضل دعمِ القيادتَيْنِ، تتسارع الخطوات نَحْوَ تحقيقِ شراكاتٍ استثماريَّة متكاملة تشمل مشاريع حيويَّة، مِثل تطوير الموانئ العُمانيَّة وربطها بالتِّجارة الخليجيَّة. هذه المبادرات الاقتصاديَّة الَّتي تحمل بصمةَ القيادتَيْنِ تُظهر رؤية استراتيجيَّة نَحْوَ تحقيقِ نُموٍّ مستدام ومواجهة التَّحدِّيات الاقتصاديَّة العالَميَّة.

وتأتي الزِّيارة وسطَ وضعٍ إقليمي وعالَمي استثنائي، ممَّا يجعلها محطَّ ترقُّب كبير. وتؤدِّي سلطنة عُمان ومملكة البحرين دَوْرًا محوريًّا في تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج، حيث تتميَّز السِّياسة العُمانيَّة بالحكمة والحياد والوساطة، وتتقاطع مع التَّوَجُّه البحريني الدَّاعم للأمنِ الجماعي ومواجهة التَّهديدات، وأكَّدتِ المباحثات الَّتي جرتْ بَيْنَ القيادتَيْنِ العُمانيَّة والبحرينيَّة على توافُق الرُّؤى بَيْنَهما، وتأكيدهما على أهميَّة تعزيز منظومة مجلس التَّعاون الخليجي وزيادة فاعليَّته في التَّصدِّي للتَّحدِّيات الأمنيَّة، وعلى رأسها حماية الممرَّات البحريَّة، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن الغذائي، وعدد من الملفَّات المشتركة الأُخرى، فهذا التَّناغم الإقليمي يعكس ثقل القيادتَيْنِ على السَّاحة الخليجيَّة والعربيَّة، ويُبرز دَوْرَهما كركيزة رئيسة لاستقرار وأمنِ المنطقة.

أمَّا في الجانب الثَّقافي والاجتماعي، فقد حرصتِ القيادتانِ على ترسيخِ القِيَم المشتركة الَّتي تجمع شَعبَي البلدَيْنِ من خلال مبادرات مشتركة تُعزِّز الهُوِيَّة الخليجيَّة، مِثل التَّعاون في مجالات التُّراث، والثَّقافة، والتَّعليم، وتعمل على تحقيق تقارب أكبر بَيْنَ الشَّعبَيْنِ، وتعزيز الشُّعور بالانتماء الخليجي المشترك. هذه الجهود، الَّتي يَقُودُها جلالة السُّلطان وجلالة الملك، تُسهمُ في بناء مُجتمع خليجي متماسك وقادر على مواجهة تحدِّيات العصر مع الحفاظ على هُوِيَّته وأصالتِه. فالعلاقات العُمانيَّة البحرينيَّة تُجسِّد نموذجًا يُحتذى به في التَّعاون الثُّنائي والإقليمي، من خلال التَّركيز على المصالح المشتركة، ودعم الأمن والاستقرار، وتعزيز الهُوِيَّة الثَّقافيَّة، وتُظهر ـ هذه العلاقات ـ كيف يُمكِن لدوَل الخليج أن تؤديَ دَوْرًا محوريًّا في تحقيق السَّلام والاستقرار في المنطقة والعالَم.