في ظلِّ القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ تمضي سلطنة عُمان بخُطًى واثقة نَحْوَ مستقبل مشرِق، مدعومةً برؤية استراتيجيَّة عميقة تعكس إيمان القيادة بقدرات الشَّعب العُماني وتطلُّعاته، فقَدْ أكَّد جلالته في الخِطاب السَّامي الأخير على مجموعة من الأولويَّات الَّتي تُمثِّل الرَّكائز الأساسيَّة للنَّهضة المُتجدِّدة، والَّتي تنطلق من إدراك عميق للتَّحدِّيات المحليَّة والعالَميَّة، حيث سلَّط جلالته الضَّوء على الفرص الواعدة الَّتي يُمكِن استثمارها لتعزيزِ مَسيرة التَّنمية الشَّاملة المستدامة، وقد كانتِ العناية بالشَّباب محورًا أساسا في الخِطاب السَّامي، حيث أشار جلالته ـ أعزَّه الله ـ إلى أنَّ الشَّباب هُمُ القوَّة الدَّافعة للتَّغيير والنُّهوض بالمُجتمع، مؤكدًا على أهميَّة مراجعة منظومة التَّشغيل وربطها باحتياجات القِطاعات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.
هذا التَّوجيه يعكس إدراك القيادة لأهميَّة تمكين الشَّباب من مواجهة تحدِّيات العصر، ليس فقط من خلال توفير فرص العمل، بل أيضًا بتأهيلهم وإعدادهم ليكُونُوا قادة المستقبل. كما أنَّ التَّركيز على التَّعليم والتَّدريب بما يتماشى مع متطلبات التَّنمية يُبرز إيمان السَّلطنة بأنَّ الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأهمُّ والأكثر استدامةً.. وعلى المستوى الاقتصادي، أظهرَ الخِطاب السَّامي وعيًا عميقًا بأهميَّة تطوير البيئة الاستثماريَّة كضرورةٍ مُلحَّة لدفعِ عجلة التَّنمية. ولتحقيقِ هذا الهدف، وجَّه جلالته ـ أبقاه الله ـ الحكومة لتقديمِ تسهيلات وحوافز تنافسيَّة، ما يضعُ السَّلطنة في موقع استراتيجي جاذب للاستثمارات الإقليميَّة والعالَميَّة. وشدَّد جلالته على أنَّ تنويعَ مصادر الدَّخل وتنمية القِطاعات غير النفطيَّة أصبحا ضرورةً استراتيجيَّة، وهو ما يعكسُ توَجُّه القيادة نَحْوَ تحقيق نُموٍّ مستدام يُعزِّز الاستقرار الاقتصادي ويوفِّر فرصًا وظيفيَّة واسعة في مختلف القِطاعات. كما أنَّ دعم الموانئ والمناطق الحُرَّة والاقتصاديَّة والمناطق الصِّناعيَّة يُمثِّل أساسا متينًا لتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني وزيادة اندماجه في الاقتصاد العالَمي.
وفيما يتعلَّق بالتَّحدِّيات العالَميَّة، أظهر جلالة السُّلطان المُعظَّم ـ أعزَّه الله ـ في خِطابه عُمقَ الفَهْمِ للتَّغيُّرات الجيوسياسيَّة والاقتصاديَّة، مؤكدًا على أهميَّة تَبنِّي سياسات مَرِنة ومتوازنة تضع مصلحة الوطن في المقدِّمة. وأشار جلالته إلى أن السَّلطنة تواصل تعزيز علاقاتها الاستراتيجيَّة مع الدوَل الشَّقيقة والصَّديقة، مستثمرةً في التَّعاون الاقتصادي والتَّكامل الإقليمي لتعظيم الفوائد المشتركة. هذه الرُّؤية تعكس قدرة عُمان على استثمار موقعها الجغرافي وثقلها السِّياسي لتعزيزِ مكانتها كدَولة تسعى لتحقيقِ الاستقرار والتَّنمية على المستويَيْنِ الإقليمي والعالَمي.
إنَّ الخِطاب السَّامي لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ليس مجرَّد كلمات توجيهيَّة، بل هو خريطة طريق شاملة تعكس عُمق الإدراك بحجمِ المسؤوليَّات والتَّحدِّيات. ومن خلال هذه الرُّؤية الطَّموحة، تستمرُّ عُمان في ترسيخ مكانتها كدَولة تسعَى لتحقيقِ التَّوازن بَيْنَ التَّقدُّم الاقتصادي والاجتماعي، والحفاظ على ثوابتها الوطنيَّة، لِتظلَّ نموذجًا يُحتذى به في مَسيرة البناء والتَّنمية، فقَدِ اختتمَ جلالته ـ أيَّده الله ـ الخِطاب السَّامي بتوجيه رسالة عميقة تمسُّ جوهر الهُوِيَّة العُمانيَّة، مؤكدًا على أهميَّة القِيَم الوطنيَّة والأخلاقيَّة كأساس لبناء مُجتمع متماسك ومزدهر، داعيًا إلى تعزيز روح التَّعاون والتَّكافل بَيْنَ أبناء الوطن، وهذا التَّوجيه السَّامي يعكس رؤية القيادة الحكيمة الَّتي تسعى إلى الجمع بَيْنَ الأصالة والمعاصرة، بَيْنَ القِيَم الرَّاسخة ومتطلَّبات التَّنمية المستدامة.