الثلاثاء 14 يناير 2025 م - 14 رجب 1446 هـ
أخبار عاجلة

تجربة شخصية وشهادة لنهضة متجددة رغم التحديات

تجربة شخصية وشهادة لنهضة متجددة رغم التحديات
إبراهيم بدوي
الاثنين - 13 يناير 2025 01:00 م

إبراهيم بدوي


قضيتُ خمسة عشر عامًا في سلطنة عُمان خلال عهد السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ تلك السَّنوات كانتْ مليئةً بالذِّكريات الغنيَّة والتَّجارب العميقة الَّتي جعلتني شاهدًا على إحدى أروع مراحل البناء والتَّنمية على مستوى العالَم دُونَ مبالغة، غادرت السَّلطنة قَبل وفاة السُّلطان قابوس بأربعة أشْهُر، حاملًا معي صورة وطن راسخ الأركان، مترابط الشَّعب بقيادته، يمضي بثباتٍ نَحْوَ المستقبل. وبعد ثلاث سنوات من حُكم حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ عدتُ إلى سلطنة عُمان، لم أجدْ بلدًا مختلفًا في جوهره، بل شعرتُ بتجدُّد الرُّوح، وبنهجٍ أكثر انسجامًا مع متطلَّبات العصر، فقَدْ كانتْ أُسُس النَّهضة المباركة الَّتي أرسَى دعائمها السُّلطان قابوس ثابتة، ولكن بصمات التَّطوير والتَّحديث الَّتي أضافها جلالة السُّلطان هيثم واضحة في شتَّى مناحي الحياة اليوميَّة، لا تخطئها عين.

مع عودتي، شعرتُ أنَّ السِّياسة العامَّة للبلاد لم تتغيَّرْ في جوهرها، فالنَّهج الدبلوماسي الحكيم الَّذي عُرفت به عُمان، والقائم على الحياد الإيجابي وبناء الجسور، ظلَّ ثابتًا، لكنَّني لاحظتُ بروز الجانب الاقتصادي في العلاقات الدّوليَّة، حيث أضحَى التَّركيز على تعظيم المصالح المشتركة وتعميق العلاقات الثنائيَّة جزءًا أساسيًّا من النَّهج، فهذا المزج بَيْنَ الدبلوماسيَّة المُتَّزنة والرُّؤية الاقتصاديَّة المُتجدِّدة هو أحَد أبرز ملامح النَّهضة المُتجدِّدة الَّتي يَقُودُها جلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ أيَّده الله. فسلطنة عُمان باتَتْ في عهدِ عاهل البلاد الجديد لاعبًا محوريًّا في تعزيز التَّعاون الاقتصادي بَيْنَ دوَل المنطقة والعالَم، ما أسهَمَ في تحقيق التَّوازن بَيْنَ الاستقرار السِّياسي والنُّمو الاقتصادي، ما عُمق دَوْرها في تحقيق الأمن والسِّلم الإقليمي والعالَمي.

لقَدْ كانتِ السَّلطنة تواجه تحدِّيات اقتصاديَّة عالَميَّة معقَّدة، لا سِيَّما مع تقلُّبات أسعار الطَّاقة، إلَّا أنَّني اليوم أرَى كيف نجحتِ السَّلطنة في تجاوز هذه الأزمات بفضلِ رؤية استباقيَّة لجلالة السُّلطان، فقَدْ أصبح التَّحوُّل نَحْوَ الاقتصاد الرَّقمي واقتصاد المعرفة جزءًا من الواقع اليومي، يؤكِّده البنية الأساسيَّة الرَّقميَّة الَّتي شهدتْ قفزات ملموسة، حيث أصبحتِ الخدمات الحكوميَّة أكثر كفاءة وسهولة عَبْرَ المنصَّات الإلكترونيَّة، كما أنَّ المشاريع الكبرى، خصوصًا تلك المتعلِّقة بالطَّاقة المُتجدِّدة، ليسَتْ مجرَّد حلول اقتصاديَّة، بل استراتيجيَّات طويلة المدى لبناء مستقبل مستدام، وتسلح الإنسان الَّذي كان دومًا محور الجهود التَّنمويَّة، بأدوات تواكب تحدِّيات العصر الرَّقمي، فقَدْ لاحظتُ خلال عودتي كيف أصبحت منظومة التَّعليم أكثر حداثة، مع تركيز ملحوظ على التكنولوجيا والابتكار، وإعداد الشَّباب ليكُونُوا قادة المستقبل.

لا أزال أذكُر لحظات الفخر الَّتي شعرتُ بها خلال إقامتي الأُولى في عُمان في عهد السُّلطان قابوس، حيث كان الشَّعب العُماني ملتفًّا حَوْلَ قيادته بإخلاص، وتفانٍ يعبِّر بمَسيرات الشُّكر والعرفان دائمًا عن مدى تعلُّقه بقيادته. واليوم، أرَى نَفْس الرُّوح الوطنيَّة، ولكن في إطار مُتجدِّد يواكب العصر، لقَدْ لمستُ ذلك في أحاديث المواطنين وفي المشاريع التَّنمويَّة الَّتي تتسارع لتحقيقِ أهداف النَّهضة المُتجدِّدة.. باختصار، عِندَما أسترجعُ تجربتي الشَّخصيَّة مع عُمان بَيْنَ عهدَيْنِ، أشعُر بالفخر لِمَا تحقَّق، فعُمان اليوم تمضي بخُطًى واثقة نَحْوَ مستقبل مشرِق، تجمع بَيْنَ الحفاظ على الثَّوابت وتطوير الأدوات، إنَّها عبقريَّة وحكمة القيادة العُمانيَّة ووعي الشَّعب، الَّذين يعملون معًا لتحقيقِ طموحاتهم في ظلِّ نهضة مستدامة.

إبراهيم بدوي

[email protected]