مسقط ـ العُمانية: تتطلَّع سلطنة عُمان ومملكة البحرين الشقيقة إلى مزيد من الشراكات، بما يعكس الروابط المتينة بين البلدين، وما القمَّة العُمانيَّة البحرينيَّة يوم غدٍ الثلاثاء بقصر العَلَم العامر بقيادة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم وأخيه حضرةِ صاحبِ الجلالةِ الملكِ حمد بن عيسى آل خليفة ملكِ مملكة البحرين ـ حفظهُما اللهُ ورعاهُما ـ إلا تجسيدٌ لهذا العمق التَّاريخي والتَّعاون الاستراتيجي والتنسيق المستمر.
وتمثِّل العلاقاتُ العُمانيَّة - البحرينيَّة نموذجًا يُحتذى به في مسيرة مجلس التعاون الخليجي، خصوصًا وأن جذور هذه الروابط تمتدُّ إلى عقود طويلة، وقامت على أسس متينة من الأخوّة والتفاهم المشترك، وبُنِيَت على أسس صلبة منذ مرحلة ما قبل التاريخ لصيد اللؤلؤ وتجارته، وتجارة اللُّبان، حيث كانت رائجةً بين البلدين والشَّعبين، وخاض الأجداد والآباء العُمانيون والبحرينيّون في غمارها عباب البحار.
وقد مثَّلت حضارتا «مجان» و«دلمون» حجر الأساس لعلاقةٍ قويَّة واستراتيجيَّة، تزداد متانة وصلابة عامًا بعد عام، وصولًا إلى عهد حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ـ وأخيهِ حضرةِ صاحبِ الجلالةِ الملكِ حمد بن عيسى آل خليفة ـ حفظهُ اللهُ ـ لترسم معالم المستقبل المشرق بين البلدين.
وأكَّدت زيارةُ جلالتِه ـ أيَّدهُ اللهُ ـ إلى مملكة البحرين عام 2022م التي شهدت التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية، على العزم والإرادة الصادقة لترجمة علاقات البلدين العريقة بمنافع ماثلة وملموسة.
ووضحت الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان ومملكة البحرين الشقيقة قد بلغ في عام 2023م نحو 247.1 مليون ريال عُماني (642.6 مليون دولار أميركي) لينخفض في نهاية سبتمبر 2024م إلى 131.1 مليون ريال عُماني (340.8 مليون دولار أميركي).
وأشارت الإحصاءات إلى أن قيمة الصادرات العُمانية إلى مملكة البحرين في عام 2023م بلغت حوالي 41.6 مليون ريال عُماني (108.3 مليون دولار أميركي) لتنخفض في نهاية سبتمبر 2024م إلى 29 مليون ريال عُماني (75.6 مليون دولار أميركي).
وفيما يتعلق بحجم الاستثمار البحريني في سلطنة عُمان، فقد زاد عدد الشركات ذات المساهمة البحرينية زيادة ملحوظة حتى نهاية أكتوبر 2024م إلى نحو 315 شركة، مقارنة بـ296 شركة في عام 2023م.
وبلغت قيمة المساهمة البحرينية 27.7 مليون ريال عُماني (72.1 مليون دولار أميركي)، أي 80.1 بالمائة من إجمالي رأس المال المستثمر، وتستثمر الشركات العُمانية في مملكة البحرين بشكل رئيس في القطاعات التجارية والخدمية.
وقال سعادةُ السَّفير السَّيد فيصل بن حارب البوسعيدي سفيرُ سلطنة عُمان المعتمد لدى مملكة البحرين في تصريح خاصٍّ لوكالة الأنباء العُمانية إن حضرةَ صاحبِ الجلالةِ الملك حمد بن عيسى آل خليفة سيحلُّ ضيفًا كبيرًا على سلطنة عُمان قيادةً وحكومةً وشَعبًا، بين أهله وإخوانه، في زيارةٍ تاريخيَّة بكل المقاييس تجسِّد عُمق العلاقات الثنائية الرَّاسخة والوثيقة، وتترجم طبيعة ومتانة العلاقة بين القيادتين الحكيمتين والشَّعبين الشقيقين في مختلف المجالات إلى جانب ما وصلت إليه العلاقات الآن من تقدُّم وازدهار.
وأضاف سعادتُه أنَّ زيارةَ «دولةٍ» التي يقومُ بها جلالةُ الملك لتؤسِّس مرحلة واعدة من البناء الجادِّ والتَّعاون المثمر المشترك في مختلف المجالات، حيث ستشكِّل منعطفًا مُهمًّا في طبيعة العلاقة الأخويَّة والتَّعاون الثُّنائي وفق الرؤية الحكيمة للقيادتين ـ حفظهُما اللهُ ورعاهُما.
ووضَّح سعادتُه أنَّ هذه الزيارة تُعَدُّ شاهدًا على العلاقات العُمانيَّة البحرينيَّة التاريخيَّة وتمثل دلالات كبيرة وقيمةً سياسيَّة مهمَّة تزيد من قوّة العلاقات بين البلدين نحو آفاق أرحب وأوسع تنعكس على البلدين وتطلعات الشَّعبين الشقيقين، وستعمل على مزيدٍ من التعاون والتكامل والانسجام في المجالات كافة في ضوء ما للبلدين من مشترك في رؤيتيهما: عُمان 2040 والبحرين 2030.
من جانبه وضَّح سعادة السفير الدكتور جمعة بن أحمد الكعبي سفيرُ مملكة البحرين لدى سلطنة عُمان أن زيارة «دولة» التي يقومُ بها جلالة الملك حمد بن عيسى ملك مملكة البحرين إلى سلطنة عُمان تأتي تجسيدًا للعلاقات الأخويَّة التاريخيَّة الراسخة منذ عقود من الزمن، وتستند إلى قواسم مشتركة من أواصر المحبَّة والأخوَّة بين البلدين والشَّعبين الشقيقين.
ووصف سعادةُ السَّفير العلاقات البحرينيَّة - العُمانيَّة بأنها علاقاتٌ تاريخيَّةٌ راسخةٌ أرساها الآباء والأجداد، وهي علاقاتٌ أخويَّةٌ ضاربةٌ في أعماق التاريخ من حضارتي دلمون ومجان، وما يربطهما من علاقات استراتيجيَّة وثقافيَّة وتجاريَّة تستند إلى أواصر المحبة ووشائج القربى وهي اليوم في أوج عهدها بفضل التوجيهات السَّامية من لدن حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم وأخيه جلالةِ الملك حمد بن عيسى آل خليفة - حفظهُما اللهُ ورعاهُما - ورؤاهما النيّرة وفكرهما الثّاقب في كُلِّ ما من شأنه تعزيز العلاقات والمُضيّ بها قُدمًا نحو آفاق أرحب.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وضَّح سعادته في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية بأن هناك توافقًا في المحددات والثوابت والركائز للسياسة الخارجية لكلا البلدين الشقيقين، والتي تتمثل في الحياد الإيجابي وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون السياسية للدول، وتغليب لغة الحوار السلمي، إلى جانب شراكتهما في أسسٍ وقيمٍ واضحة المعالم من الاتزان والاعتدال والتعاون، وتكريس قيم الحوار والتعايش الإنساني وتعزيز التعاون الدولي، وإشاعة السلام المستدام، ومواصلة الجهود لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز حماية حقوق الإنسان وحرياته، والمحافظة على البيئة لما لها من دور مؤثر وفاعل في تكريس مكانة البلدين الشقيقين على الصعيد الإقليمي والدولي.
وأشار سعادة الدكتور إلى أنه سيتم إشهار الشركة العُمانية البحرينية للاستثمار برأس مال يقدر بـ10 ملايين ريال عُماني، والتي تم التوقيع على عقد تأسيسها في البحرين أثناء الزيارة السَّامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ لمملكة البحرين، وستشكل انطلاقة جديدة لتحقيق مشروعات استثمارية تعود بالنفع على البلدين والشَّعبين الشقيقين.وقال سعادة السَّفير الدكتور جمعة بن أحمد الكعبي سفيرُ مملكة البحرين لدى سلطنة عُمان إن مجلس الأعمال البحريني - العُماني الذي يجمع بين غُرفتي التجارة والصناعة في كلا البلدين الشقيقين يعمل على تعزيز آفاق التعاون في العديد من المجالات الاقتصاديَّة والتجاريَّة والاستثماريَّة لتحقيق التكامل بين رؤيتي عُمان 2040 والبحرين 2030.
وفيما يتعلق بالتعاون في مجال التعليم، وضّح سعادتُه أن عام 2024 شهد توقيع اتفاقية بين جامعة البحرين وجامعة السُّلطان قابوس في مجال التعاون والتبادل العلمي والبحوث، بالإضافة إلى البرامج التعليمية وتبادل الخبرات العلمية لضمان جودة التعليم والاعتماد الأكاديمي، بالإضافة إلى نظام تقييم الأداء المدرسي، كما إنه تم اعتماد جامعات عُمانية في البحرين وعددها حوالي 12 جامعة، في حين بلغ عدد الجامعات البحرينية المعتمدة في سلطنة عُمان 8 جامعات، وجارٍ دراسة إضافة جامعات أخرى لاعتمادها في كلا البلدين، مشيرًا إلى أن 300 من الطلبة العُمانيين يدرسون بالجامعات البحرينية فيما يدرس نحو 120 من الطلبة البحرينيين بالجامعات العُمانية.
وفي المجال الثقافي، وضَّح سعادتُه أنه تم التوقيع على مذكرة التفاهم في هذا المجال في أكتوبر 2022 وهي قيد التنفيذ على الواقع حيث تمت إقامة الأسبوع الثقافي البحريني، والذي قام بدور حيوي في إبراز الثقافة البحرينية وعراقتها في كافة فروعها الأدبية والفكرية والشعرية والتراثية، كما تم تنظيم معرض للفنون التشكيلية البحرينية العُمانية، بالإضافة إلى تنظيم زيارات للمختصين للاطلاع على الحرف اليدوية التراثية التي يشتهر بها البلدان الشقيقان، مشيرًا إلى أنه يتم التحضير لإقامة مهرجان الهُوية العُمانيَّة والبحرينية، والتنسيق بين سفارتي البلدين لوضع خطة عمل مشتركة في كيفية تعزيز الثقافة العُمانية والبحرينية مع التركيز على الجانب السياحي والاستثماري.
إنَّ عزم القائدَين ـ حفظهُما اللهُ ورعاهُما ـ على تطوير العلاقات بين البلدين يرفع روح التّعاون والأُخوّة ويحفظ عمق الروابط التاريخيَّة الوثيقة ويبشِّر بمستقبل زاهر يحمل الخير للبلدين والشَّعبين الشقيقين.