الاثنين 13 يناير 2025 م - 13 رجب 1446 هـ
أخبار عاجلة

نبض طبيب : عُمان فـي نهضتها المتجددة .. منظومة صحية تواكب المستقبل برؤية عالمية

نبض طبيب : عُمان فـي نهضتها المتجددة .. منظومة صحية تواكب المستقبل برؤية عالمية
الأحد - 12 يناير 2025 04:30 م

د. رقية بنت إسماعيل الظاهرية

70


تُضيء سلطنة عُمان شموع الفخر وهي تحتفي بخمسة أعوام مُضيئة منذُ أن أضاء حضر صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ أُفق الحُكم، فأثمرتِ الأعوام بناءً شامخًا وإنجازاتٍ تُلامس عنان المَجد من البناء والإنجازات في ظلِّ القيادة الحكيمة للارتقاء بالإنسان العُماني وإعلاء مكانة عُمان إلى مصافِّ الدوَل المُتقدِّمة والسَّير بخُطًى نَحْوَ آفاق التَّقدُّم والازدهار.

ويُقاس رُقيُّ الأُمم بمدَى تطوُّر دعائمها الأساسيَّة ومؤسَّساتها الحيويَّة، وفي طليعتها القِطاع الصحِّي الَّذي يُعَدُّ من أهمِّ الأعمدة الرَّئيسة لتحقيقِ التَّنمية المستدامة والَّتي تُمثِّل مؤشِّرًا لمستوى جاهزيَّة الدوَل لحماية المواطنين وتحقيق الرَّفاه، حيث أصبحَ دَوْر المنظومات الصحيَّة يتخطَّى تقديم الرِّعاية الصحيَّة وتجويدها إلى تعزيز الوقاية من الأمراض، ومواجهة مخاطر الأوبئة بفعاليَّة، والَّذي بِدَوْره يُسهم في دعم الاقتصاد الوطني عَبْرَ تقليل الأعباء الماليَّة النَّاجمة من الأمراض والإصابات.

رسَمَتْ سلطنة عُمان ملامح تقدُّمها عَبْرَ خطواتٍ محسوبة واستراتيجيَّات متأنِّية، قادتها وزارة الصحَّة بحنكة ودقَّة نَحْوَ آفاق التَّطوُّر الصحِّي، للارتقاء بالرِّعاية الصحيَّة والنُّهوض بالخدمات الوقائيَّة والعلاجيَّة، لِيكلّلَ هذا العمل الدَّؤوب بالإشادة السَّامية بإنجازات القِطاع الصحِّي لِيكُونَ هذا الثَّناء وسامَ فخرٍ للكوادر الطبيَّة وتكريمًا مستحقًّا لعطائهم وتفانيهم، وتحيَّة لجهودهم الجبَّارة في سبيل رفعة الوطن، مؤكِّدين مُضيَّهم في تقديم ما يتناغم مع رؤية «عُمان 2040»، لِتظلَّ عُمان نموذجًا يُحتذى به في إرساء معايير الرِّعاية الصحيَّة.

وفي هذا السِّياق أعلنتْ وزارة الصحَّة عن تحقيق نقلةٍ نَوْعيَّة في تنفيذ (9) مشاريع صحيَّة قَيْدَ الإنشاء في مختلف ولايات سلطنة عُمان، تشمل توسعة وإنشاء مستشفيات جديدة في محافظات مسندم وظفار وشمال الباطنة، إضافةً إلى رفع كفاءة عددٍ من المراكز الصحيَّة في عدَّة مناطق؛ وذلك بهدف تطوير البنية الأساسيَّة الصحيَّة، وهذا بِدَوْره يعكس التزام الحكومة بوضعِ رُؤى طموحة تهدف إلى تحقيق التَّوزيع العادل للخدمات الصحيَّة في كافَّة أنحاء السَّلطنة، بما يتماشى مع معايير الجودة العالَميَّة، ويُعزِّز ثقة المواطنين في الخدمات الصحيَّة الوطنيَّة.

كما أكَّدتِ الوزارة إدراج (42) مشروعًا صحيًّا ضِمْن أولويَّات المرحلة المقبلة، تتضمَّن إنشاء مستشفيات ومراكز صحيَّة مُتخصِّصة في مختلف الولايات؛ وذلك بهدف تعزيز اللامركزيَّة في منظومة الرِّعاية الصحيَّة، ومواكبة التَّزايد السكَّاني، وضمان تقديم خدمات طبيَّة متكاملة عَبْرَ كوادر مؤهّلة ومنشآت حديثة تُلبِّي معايير الجودة والكفاءة في مختلف المحافظات.

كما شهد القِطاع الصحِّي في سلطنة عُمان خلال العامَيْنِ الماضيَيْنِ نقلةً نَوْعيَّة تجسَّدت في تنافُس المستشفيات لتقليصِ قوائم انتظار المَرْضَى وتسريع إجراء العمليَّات الجراحيَّة، ما أسهَمَ في تحسين جودة الخدمات الصحيَّة وتقليل فترة الانتظار، وقد دفعَتْ هذه الجهود أيضًا وزارة الصحَّة إلى إطلاق برامج تدريب مكثَّفة استهدفتِ القيادات الصحيَّة؛ بهدف تعزيز مهارات إدارة الأزمات وتطوير الأداء المؤسَّسي، بما يواكبُ رؤية «عُمان 2040»، كما عزَّزتْ سلطنة عُمان كوجهةٍ إقليميَّة مرموقة لتبادل الخبرات وتعزيز الابتكار، ومناقشة المستجدَّات الطبيَّة من خلال تنظيم مؤتمرات دوليَّة مُتخصِّصة في مختلف المجالات الطبيَّة، وتحفيز البحث العلمي من قِبل الكفاءات العُمانيَّة.

ومن أهمِّ المبادرات أيضًا وضع خطَّة المركز الوطني للصحَّة الافتراضيَّة والَّذي ما زال قيْدَ التَّأسيس وذلك لمواكبةِ التَّحوُّل الرَّقمي والاهتمام بالصحَّة الإلكترونيَّة، واستعمال تقنيَّات الذَّكاء الاصطناعي في المشاريع الإنمائيَّة لتسهيلِ وصول الخدمات الطبيَّة التَّخصُّصيَّة للمستفيدين في أماكنهم دُونَ الحاجة لانتقالهم إلى مستشفيات في مناطق أخرى، كما بدأت المستشفيات تَبنِّي تطبيقات الذَّكاء الاصطناعي لتجويدِ الخدمات المُقدَّمة وتعزيز دقَّة القرارات الطبيَّة، ورفع كفاءة إدارة الموارد الصحيَّة، وتقديم رعاية صحيَّة استباقيَّة تُلبِّي احتياجات المُجتمع بشكلٍ أكثر فعاليَّة.

كما يعكس إقرار مجلس الوزراء مؤخرًا تأسيس مجموعة من المراكز والمبادرات الرَّائدة النَّهضة المتسارعة في القِطاع الصحِّي، وتشمل هذه المبادرات برنامج الفحص المبكر عن السَّرطانات الشَّائعة بَيْنَ النِّساء من خلال سبع وحدات متخصِّصة تُغطِّي المحافظات، ومنشأة النَّظائر المشعَّة والصَّيدلة النَّوويَّة لتلبيةِ الطَّلب المتزايد في تشخيص وعلاج السَّرطان وتعزيز البحث العلمي، إضافةً إلى المركز الوطني لطبِّ وجراحة العيون المزوَّد بأحدَثِ التقنيَّات لتقديم خدمات متقدِّمة، والبرنامج الوطني للجينوم والبيانات البَشَريَّة يهدف إلى تطوير قاعدة بيانات جينيَّة مرجعيَّة لدعم التَّشخيص الدَّقيق وتعزيز الطِّب الشَّخصي.

يطول الحديث عن الإنجازات المتسارعة في مجال الصحَّة، وأمام هذا السَّرد المُشرق عن مَسيرة النَّهضة المباركة نقفُ موقفَ فخرٍ وعرفان لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق ـ أيَّده الله ـ رجُل الحِكمة والرُّؤية الثَّاقبة، الَّذي أرسَى دعائم التَّنمية الشَّاملة، وفتح آفاق المستقبل الرَّحب لوطنِه وشَعبِه.. إنَّ إنجازات القِطاع الصحِّي ما هي إلَّا انعكاس لحرصِ جلالته على رفعة الإنسان العُماني وتمكينه، ولرؤيته السَّامية الَّتي تجعل من الصحَّة حقًّا أصيلًا وأولويَّة وطنيَّة سامقة، وأن تبقَى رايات التَّقدُّم والرَّخاء خفَّاقة في سماء المَجد، في ظلِّ القيادة الحكيمة لقائد المَسيرة الَّذي يجسِّد الأمل والطُّموح لمستقبلٍ مزهرٍ ومستدام.

د. رقية بنت إسماعيل الظاهرية

طبيبة وكاتبة عمانية