في الحادي عشر من يناير 2020، شهدتْ سلطنة عُمان بدايةَ مرحلةٍ جديدة من النَّهضة والتَّجدُّد بتَوَلِّي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليدَ الحُكم، خصوصًا وأنَّ هذا الانتقال جاء في وقتٍ حسَّاس دوليًّا وإقليميًّا، حيثُ كان العالَم يُواجِه تحدِّيات ضخمة من بَيْنِها جائحة كورونا «كوفيد-19». إلَّا أنَّ جلالة السُّلطان ـ أعزَّه الله ـ أظهرَ عبقريَّة القيادة من خلال دمج رؤية استراتيجيَّة تواكبُ التَّطوُّر والحداثة مع الحفاظِ على القِيَم والموروث الثَّقافي العُماني، وهو ما جعلَ سلطنةَ عُمانَ تَسير بخُطًى واثقة نَحْوَ المستقبل، فقد تميَّزتْ قيادة جلالته بقدرتها على الموازنة بَيْنَ الإصلاحات الاقتصاديَّة والتَّحوُّلات الاجتماعيَّة الَّتي تصبُّ في صالح المواطن العُماني، دُونَ التَّفريط في الهُوِيَّة العُمانيَّة العريقة.
لقَدْ كان انتقالُ الحُكم من السُّلطان الرَّاحل قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ إلى جلالة السُّلطان هيثم بن طارق بمثابة استكمالٍ لمَسيرةِ العطاء، حيثُ قدَّم جلالته رؤيةً عميقة تأخذُ بِعَيْنِ الاعتبار دروسَ الماضي مع استشراف المستقبل، فقَدِ استمرَّ البناء على هذا الإرث العظيم، ولكن مع إضافة بُعدٍ استراتيجي يواكبُ التَّحوُّلات العالَميَّة ويَضْمنُ تطوُّر عُمان في ظلِّ المتغيِّرات، فقَدْ حرصتِ الرُّؤية السَّامية لعاهلِ البلاد المُفدَّى على تجديد مَسيرة النَّهضة عَبْرَ إقامة دَولة حديثة قادرة على مواجهة تحدِّيات العصر، من خلال مزجٍ عبقري بَيْنَ التَّحديث الإداري والتَّنمية الاقتصاديَّة مع الحفاظ على التَّوازن الاجتماعي، حيثُ اعتمدَتْ سياسات ماليَّة تَقُوم على ترشيد الإنفاق الحكومي مع توفير الدَّعمِ للفئات الأكثر حاجة، وهذه السِّياسات الماليَّة لم تكُنْ مجرَّد حلولٍ لحالات الطوارئ، بل خطَّة استراتيجيَّة تهدف إلى تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على الاستمرار في مواجهة الأزمات.
ولعلَّ من أبرز ملامح القيادة الحكيمة لجلالة السُّلطان ـ أعزَّه الله ـ كان توجُّهه نَحْوَ تعزيز اللامركزيَّة الإداريَّة، حيثُ تمَّ منْحُ المحافظات مزيدًا من الصَّلاحيَّات والقدرة على اتِّخاذ قرارات محلِّيَّة تتناسب مع احتياجات كُلِّ منطقة، هذا النَّهج السَّامي ساعدَ في تحقيق تنمية متوازنة بَيْنَ مختلف المناطق العُمانيَّة، ما أسْهَمَ في دفعِ عجلةِ التَّنمية المحلِّية وجذب الاستثمارات إلى تلك المناطق، كما كان لرؤية «عُمان 2040»، الَّتي أشرفَ جلالة السُّلطان هيثم بن طارق على إعدادها شخصيًّا، دَوْر مُهمٌّ في بناء مُجتمع مستدام يتمتَّع بنظام اقتصادي قوي وعادل، يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا كركائز أساسيَّة، وتعمل على تطوير التَّعليم والنُّهوض به لِيواكبَ احتياجات العصر، ما يُعزِّز من قدرة الشَّباب العُماني على المشاركة الفاعلة في المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
لقَدْ أضْحَى ما تمَّ إنجازه في ظلِّ القيادة الحكيمة لجلالة السُّلطان المُعظَّم ـ أبقاه الله ـ نقطة تحوُّل مهمَّة في تاريخ سلطنة عُمان، إذ استطاع جلالته أنْ يُحقِّقَ توازنًا فريدًا بَيْنَ التَّحديث والحفاظ على الهُوِيَّة الوطنيَّة من خلال رؤية استراتيجيَّة طويلة الأمد، تُرسي الأُسُس الَّتي تَبني عُمان الحديثة، حيث أصبحتْ تنمية الاقتصاد، وتعزيز البنية الاجتماعيَّة، والحفاظ على الهُوِيَّة الثَّقافيَّة جزءًا من منظومة واحدة مترابطة، خصوصًا وأنَّ الفكر السَّامي قائم على أنْ يدركَ المواطن العُماني أنَّه يعيشُ في وطنٍ يضعُه في قلبِ عمليَّة التَّنمية، ممَّا يعكسُ عبقريَّة القيادة الَّتي تجعلُ من السَّلطنة نموذجًا للتَّنمية المستدامة والقيادة الحكيمة في عصرنا الحالي.