يقولُ مَن يُطلق عَلَيْهم عرَّافين أو قرَّاء التاروت (كذب المنجمون ولو صدفوا): إنَّ العام الجديد الَّذي هلَّ علَيْنا منذُ أيَّام (2025) هو الأخطر، خصوصًا في منطقة الشَّرق الأوسط أو الَّتي نُطلق عَلَيْها نحن حسب خرائطنا القديمة (الوطن العربي)، وأشهرهم العرَّافة المجريَّة فانجا (العرَّافة العمياء) الَّتي تُوفِّيَتْ قَبل (26) عامًا! ومعها بعض العرَّافات والعرَّافين العرب الَّذين ما زالوا على قَيْدِ الحياة ويبَشِّرون مع بداية كُلِّ عام بما هو جديد، وعَلَيْنا قَبل أن نصدقَ روايتهم، العودة إلى مصادر عليمة لتحليلِ النبوءة ووضعها في سياق والاستشهاد بتجارب سابقة أو التَّحذير من مآلات لاحقة.
ونبوءة العرَّافين في حقيقتها ماهي إلَّا رسالة نصيَّة تقرؤها العرَّافة بِدُونِ أيِّ تحريفٍ مِنْها بناءً على تعليمات تصلُ إِلَيْها مع الموضوع الَّذي ستبَشِّر به العالَم، ولا مانع في أن تذيعَ بعض الأخبار السَّارَّة حفاظًا على سلامتها الأمنيَّة، ولا نريدُ أن نجزمَ من هو الَّذي أرسلَ لها هذه الرِّسالة، مع يقينِنا التَّام بمَن صاغَها وأمَرها وبماذا يهدف، بل نعرف أنَّه واقع نشمُّه في الأحداث ونعيشه بكُلِّ إرادتنا وجوارحنا وتفكيرنا كُلَّ عام، بل ونتمسَّك به!! وللأسف البعض يُصدق أنَّ هذه نبوءات روحيَّة، أو كما يدَّعي البعض أحلام مرئيَّة؛ لكَيْ لا يُعطي لعقلِه جرعةً أقوى من احتماليَّة التَّعاطي مع أمر العرَّافة. وكُلّ هذه النبوءات باختصارٍ تامٍّ تعني ما يُخطَّط للمنطقة العربيَّة والعالَم في قادم الأيَّام، ولم يكُنِ العرَّافون فقط هُمْ مَن يبَشِّرنا بالأحداث القادمة، بل أيضًا بعض الأعمال التراجيديَّة مِثل مسلسل الكرتون الشَّهير (عائلة سيمبسون) ومَن يريد معرفة الحقيقة عَلَيْه حكّ الذَّاكرة وكحتِ الذِّهن، شفطُ الأحداث، ومتابعة أحداث العام الماضي ومشاهدة حلقات المسلسل في الأعوام السَّابقة، ولِمَن يوَدُّ التَّأكُّد من أنَّ هذه المعلومات الَّتي نبَشِّر بها، سواء من العرَّافين أو مسلسل (عائلة سمبسون) عَلَيْه مطالعة بعض وسائل الإعلام الأجنبيَّة مع التَّحرِّي عن مالكيها ولدَيْنا مِثال على إحدى المجلَّات الَّتي بَشَّرت بما يُسمَّى الرَّبيع العربي قَبل حدوثه، وكذلك اتِّفاقها مع نبوءات العرَّافين الَّتي تتحدَّث عن أحداث العام الجديد (2025) سياسيَّة واقتصاديَّة ستحدُث في منطقتنا العربيَّة مِثل سقوط بعض القيادات بعد احتجاجات وما يصحبها من فوضى، وغيرها من الصِّناعات الاستخباراتيَّة الَّتي تتمُّ لحسابِ دَولة الكيان الصهيوني العنصري المحتلِّ، الَّذي يُحاربنا حربًا عقائديَّة، فيما الصِّراعات الدَّائرة والمتوقَّعة الَّتي سيشهدها العالَم تبَشِّر بأنَّ التوتُرَ بَيْنَ أوكرانيا وروسيا سيستمرُّ طوال العام. كما أنَّ العلاقات الصينيَّة الأميركيَّة تنبئ بزيادة التوتُّر بَيْنَهما، أمَّا السيناريوهات المُعدَّة مسبقًا لزعزعة استقرار الدوَل العربيَّة وإضعافها وتُنقَل من قِبل المُنجِّمين وتوقُّعات وسائل إعلام شهيرة يملكها رِجال أعمال يحكمون العالَم بأموالِ البنوك الَّتي يملكونها، أو الَّذين يتحكمون في المنظَّمات الدّوليَّة فيقدمون لنَا السيناريوهات وعلى أثَرِها نَقُوم نحن بالدَّوْر المرسوم لنَا، ونحن مغيَّبِينَ تمامًا عن أنَّ ما نَقُوم به يهدف إلى تدميرنا عقائديًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، ولكَيْ تتمَّ الحبكة الدراميَّة للأحداث بدقَّة، ونبتعد عن فَهْمِ الواقع يتمُّ تسريب بعض الأخبار الَّتي لن تحدُثَ في حوارات العرَّافين.
إنَّها فرصةٌ كبيرة لكَيْ نعرفَ ما يُحاك لأُمَّتِنا العربيَّة، وإنَّ ما يتمُّ تسريبُه من معلومات مغلَّفة بالحُريَّة والديمقراطيَّة والعيش في ظروف أفضلَ ما هو إلَّا حبكة دراميَّة لِتَجميلِ السيناريو. أمَّا الحقيقة الَّتي رأيناها في التَّجارب السَّابقة فهي أنَّ الواقعَ مختلفٌ تمامًا عمَّا نبَشِّر به، وأنَّه يطبَّق تطبيقًا عمليًّا لتنفيذِ مقولة عالَم البيولوجيا السير جوليان هكسلي (أوَّل مدير لليونسكو)، الَّذي احتقرَ الفقراء ووصفَهم بأنَّهم كائنات منحطَّة من النَّاحية الوراثيَّة والجينيَّة، وطالَبَ في مقالٍ بعنوان «العالَم المزدحم» بتخفيضِ أعدادِهم وإخلاء العالَم من غير المُفيدين، وبطبيعة الحال، إنَّ ما يحدُث هو طريق الذَّهاب إلى المليار الذَّهبي من صفوة البَشَر، وعِندَئذٍ سنتيقَّن متأخرين أنَّ السَّاعة قَدِ اقتربتْ وانشقَّ القمر.
جودة مرسي
من أسرة تحرير « الوطن»