معرض القاهرة للكتاب أعاد عرضه بعد سحبه
القاهرة ـ من وحيد تاجا:
أثار قرار سحب كتاب (أبو عبيدة.. قائد سلاح الحرب الإعلامية) للكاتب والروائي المصري سيد دواد المطعني من قبل إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب ردود فعل واسعة في الوسط الثقافي، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، لم تهدأ إلا بعد قرار الهيئة العامة المصرية للكتاب الإفراج عنه، وإعادة طرحه مجدداً ضمن أجنحة المعرض. وكان الكتاب الذي يحمل صورة الناطق الرسمي باسم (كتائب القسام)، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ملثما بكوفيته الحمراء، التي أصبحت رمزاً للمقاومة، قد لاقى اهتماما كبيرا من رواد المعرض، كما تعرض في الوقت نفسه لهجوم كبير من الإعلام الإسرائيلي، الأمر الذي أدى لسحبه من قبل إدارة المعرض لإعادة النظر فيه من جديد.. وبعد التأكد من خلوه من أي مخالفات قررت الهيئة إعادة عرضه. وحول رد فعله على منع كتابه قال الكاتب سيد دواد المطعني: لم يكن لي ولا لدار النشر أي ردة فعل على سحب الكتاب، لا سيما أن مسؤولي المعرض أخبروا الناشر أنهم سيقومون بفحص الكتاب ومراجعته للتأكد من خلوه من أي مخالفات، وذلك نتيجة للجدل الذي أثير حوله. ولمسؤولي المعرض كل الحق في ذلك، ولم يكن هناك أي ردة فعل، لتأكدنا من نزاهة المحتوى وسلامته. ولم تمر ثلاثة أيام حتى أعاد المسؤولون الكتاب لمكانه في أرفف الجناح، وعرضه للجمهور. وأضاف: الكتاب يتناول تطور الحرب الإعلامية الدائرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني من خلال خطاب أبو عبيدة بالتحديد، وكيفية تطورها على مر السنين.. ففي البدء كانت تُشن من طرف واحد، وهو طرف المحتل الصهيوني صاحب الإمكانيات والمنصات الإعلامية الضخمة والمتعددة. لينتقل الكتاب بعدها لبداية ظهور الناطق العسكري للمقاومة، ومن ثم تطور لغة الخطاب الإعلامي العسكري لأبي عبيدة بالتحديد على مدار 17 سنة، منذ ظهوره عام 2006 حتى العدوان على غزة.
ويناقش الكتاب بين صفحاته أساليب أبي عبيدة في كل معركة على حدة، في عناوين رئيسية لكل معركة بدءا من الوهم المتبدد 2006 وانتهاء بطوفان الأقصى 2023، مرورًا بحجارة السجيل والعصف المأكول وسيف القدس.. وفيما اذا جاءت فكرة الكتاب بعد احداث 7 أكتوبر أوضح : كانت الفكرة تراودني منذ زمن، خصوصاً أنني أتابع بشغف كل ما يجري في فلسطين منذ طفولتي، ولفت انتباهي تطور لغة الخطاب الإعلامي في معركة العصف المأكول 2014 ووددت لو أضع كتابًا حولها، لكن لم تكن لديًَ المعلومات الكافية وقتذاك، ولم يكن بوسعي أيضًا وضع كتاب في أي مجال كان، فلم أحصل على فرصة لنشر كتاب لأول مرة إلا في يناير 2020 طرقت به باب الرواية الطويلة.. وعادت الفكرة تراودني مجددًا بعد معركة سيف القدس 2021، غير أنني حينها كنت عاكفًا على إعداد روايتي التاريخية المساقون إلى البرزخ، والتي استغرقت شهورًا طويلة في البحث عن معلومات دقيقة حول الحقبة التي تناولتها الرواية، حتى أضحت جاهزة للنشر في معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير 2023. وما إن اندلعت حرب غزة الأخيرة بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، فانتظرت بشغف شديد بيان أبي عبيدة الذي خرج بعدها في بيان من عشرين دقيقة يحكي تفاصيل الطوفان، ولم يخيب خروجه ظني فيه. ومن هنا قررت البدء في وضع الكتاب، وقد كان معظمه جاهزًا في رأسي، لا يحتاج إلا التفريغ، وكانت فترة المائة يوم كافية للكتابة، وإضافة ما استجد من تطور في أسلوب المقاومة الإعلامي، وفي لغة خطاب أبي عبيدة، والذي اكتسب جماهيرية تزيد مائة ضعف عن جماهيريته ما قبل معركة طوفان الأقصى. هذا الأمر جعل حديثي المعرفة بأبي عبيدة يظنون أن الكاتب والكتاب فوجئا مثلهم في أكتوبر 2023 بأبي عبيدة، رغم أن الفئة الأقل من المهتمين بأخبار المقاومة يعرفون الملثم منذ ظهر أول مرة في 2006. وحول رأيه بالخطاب الإعلامي للمقاومة الفلسطينية بشكل عام قال : أما عن الخطاب الإعلامي للمقاومة بشكل عام فقد تطور كثيرا تلك المرة، لأنهم يسدون الثغرات أمام العدو الذي يخرج دائما لتكذيب بياناتهم، ببيانات تنفي صحة قولهم. لكن المقاومة في تلك المعركة تجهز مصورا خاصا لكل عملية، يرافق المجاهدين أثناء تنفيذها، أو يقوم أحد المجاهدين بتصوير نفسه أثناء عملية التفيذ، لتؤكد بعد كل خطاب صحته، فلا يجد إعلام جيش الاحتلال مفرا من الاعتراف به. ولو نظرنا لأبي عبيدة على وجه الخصوص، فتراه دقيقا في اختيار الألفاظ المناسبة، والتي تبرز مدى فصاحته من ناحية، وخبرته العسكرية من ناحية أخرى. فعلى سبيل المثال تجده يخاطب عائلات الأسرى بعبارات تحرضهم بشكل غير مباشر على حكومة الاحتلال، لتندلع بعد بيانه التظاهرات، وكثيرا ما حاصر الثائرون منزل نتنياهو. وإطلاقه لمصطلح المسافة صفر، الذي يلخص العمليات التي نفذها المجاهدون لقتل جنود العدو، أو تدمير دباباته. واستخدامه عبارات مثل شذاذ الآفاق وخريجي معازل الغيتو، وهي عبارات لها دلالاتها، فالأولى توحي بفصاحته، والثانية ثقافته.