الجزائر ـ العُمانية: قالت الروائيّة التونسية أميرة غنيم الحاصلةٌ على التبريز في اللُّغة والأدب العربي، وشهادة دكتوراه في اختصاص اللّسانيات والترجمة من الجامعة التونسيّة لوكالة الأنباء العُمانية الروائيّة: إن المشهد الروائي في سلطنة عُمان شهد تألّقًا لافتًا خلال العقد الأخير رغم العمر القصير نسبيًّا. ووضحت أنها تعرّفت على الرواية العُمانيّة من خلال الروائية جوخة الحارثية أوّلا، موضحة: أوّل من عرّفني بالأدب العُمانيّ عبر رائعتها «سيّدات القمر». منذ ذلك الحين، بدأتُ أتابع ما يصدر في سلطنة عُمان، لا سيّما وقد لفت كتّابٌ عُمانيُّون (بشرى خلفان وزهران القاسمي) أنظار العالم العربيّ بعد وصولهم إلى مراتب متقدّمة في الجوائز العالميّة والعربيّة.
وحول سؤال عن الرواية العربيّة والمشهد الروائي العربي الحالي، تُجيبُ أميرة غنيم بالقول: «المشهد الروائيُّ العربيُّ الحاليّ غنيٌّ في رأيي بكتّابه المبدعين. ففي كلّ عام تصدر رواياتٌ جميلة جدًّا من كتّاب مكرّسين وآخرين مبتدئين، والأجمل أنّها روايات تجري في مضامير أسلوبيّة مختلفة من الواقعيّة الكلاسيكيّة، إلى التجريبيّة التي تعتمد تقنيات جديدة في السرد وفي بنية الزمان.
وحول سؤال بخصوص المُشْتَرَكات التي يمكن استخلاصها من المشهد الروائيّ العربيّ، سواء تعلّق الأمر بالأساليب أو الاهتمامات التي يُعبّر عنها الروائيُّون العرب، مغربًا ومشرقًا، تؤكّد أميرة غنيم بالقول: «أعتقدُ أنّ المُشترَك الأكبر هو هذا السعي الواضح لدى الكتّاب العرب إلى استكشاف الهويّة وطرح أسئلة الانتماء، لا سيّما بعد ما شهده جزءٌ كبيرٌ من العالم العربيّ من تحوّلات سياسيّة أفرزت مآزق على المستوى الاجتماعيّ والثقافيّ، فعددٌ كبير من الروايات الناجحة يناقش بصوتٍ عالٍ أزمة الهويّة الفرديّة في مواجهة الجماعة، عبر صراع الأجيال وقصص التمرّد على التقاليد الاجتماعيّة والنضال من أجل الحريّات الفرديّة، علاوة على انشغال روايات كثيرة بأسئلة حول الانتماء إلى الوطن واستكشاف الهويّة القوميّة في ظلّ التجزئة. وانتشرت في السنوات الأخيرة روايات تتّخذ المنظور الجندريّ منهجًا أساسيًّا في الكتابة وتناقش التقسيمات النمطيّة للهويّة الأنثويّة والذكوريّة. وفي الجملة، تعكس المضامين التي تتناولها الرواية العربيّة اليوم قلق الكاتب العربيّ إزاء التحوّلات السريعة التي يشهدها محيطُه، وهي تحوُّلاتٌ حفّزت من جديد سؤالاً قديمًا جدًّا: من نحن؟».
أمّا بخصوص الروائيّين العرب الذين سطعت شموسُهم في المهاجر، سواء بأوروبا أو أمريكا، أو عبر أصقاع قصيّة من العالم، فهل تعتبر أميرة غنيم أنّ الروائيّ العربيّ الذي يكتب بغير لغته العربيّة، جغرافيًّا، مشمولاً بمصطلح (رواية عربية)، أم تعتبره أدبًا غير عربي؟ تقول: الحقيقة أنّي أقدّر الأدب الجيّد أيًّا كان منشؤه، ولا يهمّني كثيرًا أن أبحث في الأسباب الاجتماعيّة أو السياسيّة لشهرة كاتب أو شاعر، كما أنّي لا أعتبر الشهرة معيارًا للجودة. ولكن إذا أردنا أن نفكّر في الأمر موضوعيًّا ودون خلفيّات أيديولوجيّة، فإنّ عددًا من المهاجر الغربيّة يوفّر للأدب الجيّد مساحةً لا توفّرها البلدان العربيّة، ولا أقصد هنا حريّة التعبير، فلكلّ عالم تابوهاته التي ينسى معها قيم الحريّة ويكشف بها عن وجهه الدكتاتوريّ المقيت، ولكنّي أتحدّث عن التقاليد الثقافيّة التي ترعى الأدب وتوفّر له حضورًا مرموقًا سواء في المهرجانات أو المعارض أو في المنصّات الإعلاميّة المتنوّعة. وربّما كانت بيئة المهاجر تسهّل الانتشار بسبب منزلة القراءة وبسبب القيمة الاعتباريّة التي تمنحها للكاتب الجيّد. تبقى مسائل أخرى متعلّقة بالأجندات السياسيّة، وتلك سيكنسها التاريخ ويكنس أصحابها.