تُمثِّل رياضة الخيل والفروسيَّة جزءًا لا يتجزأ من الهُوِيَّة الثَّقافيَّة والتَّاريخيَّة في سلطنة عُمان والعالَم العربي، فهي ليسَتْ مجرَّد رياضة للتَّنافس، بل تعبير عن قِيَم الأصالة، والشَّجاعة، والرُّقِي الَّتي لَطالَما ارتبطتْ بالخيل في الثَّقافة العُمانيَّة والعربيَّة، حيثُ يُعَدُّ العُمانيون والعرب دومًا الخيل رمزًا للنُّبل والعزَّة على مرِّ العصور، كما شكَّلتْ عنصرًا رئيسًا في حياة العرب، سواء في السِّلم أو الحرب. وفي عُمان، يحظَى هذا الموروثُ العريق بمكانة خاصَّة، حيث تنعكس الأهميَّة الممنوحة لرياضةِ الخيل والفروسيَّة من خلال الرِّعاية السَّامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ لهذه الرِّياضة الخالدة. فهذه الرِّعاية ليسَتْ مجرَّد دعمٍ معنوي أو رمزي، بل هي تأكيد على ارتباط سلطنة عُمان بتُراثها العريق، وحرص القيادة على تعزيز القِيَم الثَّقافيَّة الَّتي تُمثِّلها رياضة الخيل في المُجتمع العُماني.
إنَّ هذا الدَّعمَ السَّامي يتجلَّى بوضوحٍ في رعاية عاهل البلاد المُفدَّى ـ أعزَّه الله ـ للمهرجان السُّلطاني لسباقِ الخيل، الَّذي يُقام اليوم الثلاثاء بمدينة العاديات بولاية السيب. فهذا المهرجان الَّذي يُعَدُّ من أبرز الفعاليَّات الرِّياضيَّة في سلطنة عُمان، والَّذي يتضمَّن خمسة أشواط خُصِّصت للخيول العربيَّة الأصيلة، لا يقتصر على كونه سباقًا رياضيًّا فقط، بل يُمثِّل احتفاءً بالأصالة العُمانيَّة، حيث يتنافس الفرسان لِنَيْلِ شرف التَّتويج بكأس جلالة السُّلطان المُعظَّم في الشَّوط الخامس، وهو ذروة المهرجان وأبرز محطَّاته، علاوةً على ذلك، يتضمَّن المهرجان فِقرات استعراضيَّة تعكسُ مهارات الفروسيَّة العُمانيَّة، بالإضافة إلى عروضٍ فنيَّة وشَعبيَّة مرتبطة بالخيل، ممَّا يُعزِّز البُعد الثَّقافي والتَّاريخي للمهرجان، كما تُضفي مشاركة الهجَّانة السُّلطانيَّة تنوُّعًا على الحدَثِ، حيثُ تُقدِّم عروضًا استعراضيَّة للهجن تُبرز العلاقة الوثيقة بَيْنَ الإنسان العُماني وبيئته الصَّحراويَّة.
إنَّ ارتباطَ العُمانيِّين بالخيل يتجاوزُ الجانب التَّرفيهي، فهو تعبيرٌ عن هُوِيَّتهم وانتمائهم لبيئةٍ عربيَّة أصيلة. ومن خلال هذه الفعاليَّات، لا يتمُّ فقط الحفاظ على رياضة الخيل، بل يتمُّ أيضًا نقلُها للأجيال القادمة لتعزيزِ الوعيِ بأهميَّة التُّراث والحفاظ عَلَيْه. فعلى مرِّ التَّاريخ، كانتِ الخيلُ شريكًا استراتيجيًّا للعرب في ميادين القتال والسَّفر، ومصدرَ إلهامٍ للشُّعراء والفنَّانين. هذه العلاقة الرَّاسخة لا تزال قائمةً حتَّى اليوم، حيث تعكسُ الفعاليَّات الكبرى والمميَّزة مِثل المهرجان السُّلطاني حرْصَ القيادةِ العُمانيَّة على تأصيل هذا التُّراث وتعزيزِه لِيبقَى حيًّا في قلوب الأجيال الجديدة، حيث يُعَدُّ جزءًا من غرس الهُوِيَّة الوطنيَّة في أبناء المستقبل.
تعكسُ رياضة الخيل من النَّاحية الثَّقافيَّة ارتباط العُمانيِّين بالمبادئ السَّامية الَّتي قامتْ عَلَيْها حضارتهم، مِثل الكرامة، والعزَّة، والتَّفاني. ومن خلال الدَّعم السَّامي، تُصبح الرِّياضة وسيلةً لتأكيدِ الهُوِيَّة الوطنيَّة، وتعزيزِ الرَّوابط الاجتماعيَّة والثَّقافيَّة الَّتي توحِّد أبناءَ السَّلطنة، فرياضة الخيل والفروسيَّة في سلطنة عُمان تُمثِّل أكثر من مجرَّد رياضة، إنَّها احتفاءٌ بالماضي، واستثمارٌ في الحاضر، واستشرافٌ للمستقبل، وبرعاية جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ تتواصلُ مَسيرة الحفاظِ على هذا الموروث الأصيل، لِيظلَّ شاهدًا على عراقة التَّاريخ العُماني، ورافدًا أساسيًّا لتعزيزِ القِيَم الثَّقافيَّة الَّتي تُميِّز السَّلطنة على السَّاحة العالَميَّة.