أخي المسلم.. لقد أكرمك الله غاية الإكرام في هذا العصر ويسَّر لك ما يعينك على التواصل مع أي إنسان في هذا العصر، عصر التكنولوجيا، عصر الاتصال وكثرة وسائل التواصل مع القريب والبعيد وقربت المسافات البعيدة من أصقاع العالم إلى بعضها، فما أعظمها من نعمة!، والحمد والشكر لله، وأصبح القريب والبعيد يستطيع كل منهما محادثة الآخر عن قرب حتى ولو كان بعيدًا، فأصبح كأنه يجلس بجواره ويشاهده ويسمع حديثه وكان سابقًا إذا لم تصل أخبار الاب أو الأخ أو أحد من الارحام أو الأصدقاء.. أيام ينتقد نفسه عن تأخير التواصل ويصبح في قلق وينتظر الاخبار على أحرِّ من الجمر، وعندما يسرَّ الله لنا في هذا الزمن وسائل عديدة للاتصال انقطعت وسائل التواصل بين الارحام وبعدت القلوب عن بعضها بين الارحام إلا ما رحم الله وأصبحت اللقاءات في العزاء أو المناسبات كالأعياد أو الزواج.
قطيعة الرحم من أعظم الذنوب عقابها عظيم والعياذ بالله فمن قطع هذه الفضيلة لم يتقبل منه أي عمل مهما قدم من أعمال صالحة،فقد روى أبو هريرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ)(رواه أحمد، وحسنّه الألباني)، ويقول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا)، بل إنه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يقول:(لا تدخُلوا الجنةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا) (رواه مسلم).
ويقول المصطفى (صلى الله عليه وسلم):(إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ فَهُوَ لَكِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) (البخاري)، وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله (صلى الله عليهوسلم): (الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله).
في هذا الزمن انقطعت هذه الخصلة الحميدة وأصبح الكثير من الارحام لا يعرف الآخر بصلته وقرابته التي تربطه به ودخلت بين الارحام النفس الإمارة بالسوء والشيطان الرجيم وانتشر بين الارحام الزعل والبغضاء والحسد وضيعت حقوق الارحام وعندما يعاتب أحد الآخر يقول ليس لدي وقت عندي أشغال علما أنه يوجد وقت لو حدد ونسق ونظم وقته سوف يجد وقتا كافيا لتواصل مع الارحام يقضي الساعات الطويلة مع وسائل التواصل الاجتماعي ويقضي الساعات في مشاهدة المباريات ومتابعة الأفلام والمسلسلات والأغاني والسهر مع الأصدقاء ساعات طويلة وفي أعمال الدنيا الأخرى.
إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري
كاتب عماني