السبت 04 يناير 2025 م - 4 رجب 1446 هـ

العام 2025 وحياة قابلة للحياة

العام 2025 وحياة قابلة للحياة
الأحد - 29 ديسمبر 2024 03:04 م

جودة مرسي

10


حين نطرُق أبواب العام الجديد المُسمَّى 2025، نأمُل ونحلم فيه بحياةٍ قابلة للحياة، تتوافر لها شُروط الحياة من أمان واكتفاء كريم وأملٍ وعملٍ وحُريَّة، خلافًا لِمَا مرَّت به مُعْظم البُلدان في وطننا العربي العزيز في العام 2024، وتؤكِّد هذه الأحداث المؤسفة الَّتي مرَّت وتمرُّ على أهْلِنا وأحبَّتنا في غزَّة العزَّة والضفَّة وجنوب لبنان، بخلاف المناوشات وكبتِ الحُريَّات في بعض البقيَّة الباقية من البُلدان، فكان نتاج ذلك أن أصبحَ الحلم هو التَّصريح بالكلام، أو السَّماح بالغضب، أو الصّراخ حتَّى ولو في الخفاء، والسَّماح بالتَّأييد والتَّعاطف مع الأشقَّاء الَّذين يتعرَّضون لسفَّاحٍ يُمارس ضدَّهم كُلَّ أنواع القتل ومصِّ الدِّماء، بمنهجيَّة هدفها الإبادة الجماعيَّة، بمشاركة ومباركة من نظام دولي مشارِك في العدوان، «نظام قاتل»، حتَّى لو لم يطلِقْ بِنَفْسه هذه الرَّصاصة عامدًا، لكنَّه أبدًا ليس بريئًا من التَّحريض، وليس بريئًا من العنصريَّة، وليس بريئًا من التَّأييد والتَّمويل، فلم يحدُثْ في العالَم منذُ بدءِ الخليقة أن تعرَّضَ شَعب لمِثل ما تعرَّضَ له أهلُنا في غزَّة العزَّة من دمار وتدمير كامل لكُلِّ مُقوِّمات الحياة، وتجويع وقتل وتشريد وترحيل وتهجير، فاستسلمنا بهَوانٍ لتلك الاعتداءات، حتَّى أصبحَ الخنوع داخلَنا أضْمَن، وصار التَّمسُّك بما نحن عَلَيْه من ذُلٍّ وهوانٍ آمَن، وصار الخوف داخلنا أسْلَم، هذا هو واقعنا في 2024، حتَّى صار ضميرنا في طريق والواقع في طريق آخر، بعد أن بثُّوا فينا الخوف من العيش في مستعمرات الصَّفيح أو مخازن النّفايات، فأصبحتْ حياتُنا دستورًا مفرداته المأساة مع الملهاة، والجِديَّة مع السُّخريَّة، والرَّصانة مع المجون، لِيصدقَ قول ابن خلدون (إنَّ الإنسانَ إذا طال به التَّهميش يُصبح كالبهيمة لا يهمُّه سوى الأكل والشُّرب والغريزة). فهل يستجيبُ العام 2025 للنِّداء وألَّا يكُونَ كما سبقَه من الأعوام أو كما سبقَه من عام؟ أم تتبدَّل الأحوال فيتبدَّل الخلق من أصله ونحلم بكُلِّ أنواع السَّلام، السَّلام الدّولي والسَّلام الاجتماعي والسَّلام الإنساني، وتنتهي مآسي البَشَر ويندحر العدوان ويستقرُّ في الوجدان الجمعي الثَّوابت المؤكّدة، التَّعريفات الرَّاسخة، عن حدود فلسطين التَّاريخيَّة، ويتصدر موجز الأخبار انتصار أهلِنا في غزَّة ولبنان، ونفهم السلَّم الموسيقي قَبْلَ أن يعزفَ السَّلام الوطني لكُلِّ بُلدانِ الوطن العربي.

جودة مرسي

[email protected]

من أسرة تحرير «الوطن »