عِندَما يُحاول المرء قراءة إعلانات الرَّئيس الأميركي القادم، دونالد ترامب النَّاريَّة الَّتي عاونَتْه على سحقِ منافسته، كمالا هاريس، في الانتخابات الرِّئاسيَّة الأميركيَّة الأخيرة، 2024، قَبْلَ بضعة أشْهُر، فإنَّه لا بُدَّ أن يشعرَ وكأنَّه يحدقُ في كُرة الزُّجاج الَّتي يعتمد عَلَيْها فتَّاحو الفأل لـ»رؤية» المستقبل.
إعلاناته أعلاه هي إعلانات بدرجةٍ من «النَّاريَّة» والجبروت، إنَّ المرءَ يشعُر وكأنَّ الرَّجُل يقدِّم نَفْسَه كـ»سوبرمان»، ناهيك عن تحالُفه مع أحَد أهمِّ وأبرزِ أدعياء «السوبرمانية» الآن، وأقصدُ المليادير «إيلون ماسك» Elon Musk الرَّجُل صاحِب الابتكارات والاختراعات الفائقة التَّحدِّي للعقول الآدميَّة الاعتياديَّة، زِدْ على ذلك أنَّه الرَّجُل الَّذي وضعَ نَفْسَه في صفِّ وكالة الفضاء الأميركيَّة ((NASA، بعد أن أطلقَ صاروخًا عملاقًا (Space X) إلى الفضاء الخارجي: وهكذا يشعُر المرء بأنَّ الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة متوجِّهة إلى عالَمٍ يَقُودُه عمالقة شجعان حالِمون في عالَم لا يَقبلُ للبقاء فيه سوى الأقوياء.
هُمْ عمالقة منتفخون مستعدُّون لسحقِ كُلِّ مَن يقفُ أمامَهم أو أمام أحلامهم: هُمْ يقدِّرون الأقوياء فقط ويحسبون حسابهم، متَّبعين وملتهِمِين الثَّروات بِنَهمٍ: هُمْ لا يكتفون بالقليل، بدليلِ المقولة الأميركيَّة الشَّهيرة: «إذا طرقتِ الفرصة بابك، فادْعُها للبقاء معك على العشاء!» بمعنى الاستغلال الأمثل للفرص وعدم ترك فتاة الخبز للضّعفاء وللفقراء!
ونظرًا لأنَّ هذا الجيلَ من العماليق لا يكتفي بالنَّزر اليَسير فإنَّه لا بُدَّ أن يصطدمَ بِسواه من عمالقة عالَمنا اليوم، كالصِّين وروسيا وأوروبا الغربيَّة: وللعالَم العربي الَّذي لم يزَلْ يراوحُ في مكانه منذُ زمنٍ أن يعيَ هذه الحقائق الَّتي لا تكفي «الأدعية» لِتجنُّب آثارها! وهكذا، سيبتلع إله الثَّروات والجبروت إلاهات العواطف والرَّحمة والمَحبَّة، بدليلِ تواصُل ما يجري في غزَّة بجنوب فلسطين من مظالِم دُونَ رادع!
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي