لم يأت ليالي مسقط 2024 بذلك الجديد، فرغم أن الآمال كانت معقودة بأن يشهد نقلة نوعية في برامجه وفعالياته تتواكب مع الحراك السياحي، والاقتصادي، والثقافي فقد بدت أغلب الفعاليات السابقة حاضرة إلا في قلة قليلة منها، وهو ما يطرح نفس التساؤل عن أهمية استثمار ليالي مسقط في إبراز الوجه الاقتصادي، والسياحي لسلطنة عمان، وكيف يمكن بالفعل أن يكون ليالي مسقط عنصر جذب للسياحة المحلية، والخارجية، وتحقيق الاستفادة القصوى منه في إنعاش القطاعات الاقتصادية المختلفة.
نتحدث هنا على سبيل المثال لا الحصر حول مدى استفادة الأنشطة التجارية، والسياحية من المهرجان، وما هي العروض التسويقية بالنسبة للمراكز والمحلات التجارية، أو بالنسبة للمنشآت الفندقية، أو عروض شركات الطيران، والشركات السياحية، هل استطعنا بالفعل أن نوظف هذه القطاعات لتحقيق الهدف الأسمى من هذه الصناعات المتطورة والمتنامية في العالم، وإشراك القائمين على هذه القطاعات الحيوية في تعزيز مكانة المهرجان ،ودوره ،ورسالته، والعمل إلى جانب اللجنة الرئيسية المنظمة في ترجمة تلك التوجهات إلى واقع ملموس يمكن أن يحدث ذلك الفارق المطلوب في عدد زوار المهرجان ومرتادي المواقع التجارية والسياحية في مسقط بشكل عام، ومحافظات السلطنة بشكل خاص.
وفي الوقت الذي يواجه فيه القطاع التجاري تحديدا ضعف في القوة الشرائية، بدت الكثير من المراكز التجارية شبه فارغة من مرتاديها، وهنا كان من الأهمية استثمار فترة المهرجان لانعاش هذا القطاع عبر عروض ترويجية وتسويقية مشتركة تتيح للزوار فرصا للحصول على تخفيضات أو هدايا أو سحوبات وهو ما يمكن بالفعل أن ينعش هذه المراكز ويعزز من مكانتها وثقة المستهلكين بها.
لم نسمع بذلك القدر عن أي عروض سياحية، وتخفيضات على أسعار التذاكر، أو حملات تسويقية للمهرجان ،هي مجرد أخبار متداولة على منصات التواصل الإلكتروني، في الوقت الذي كان من الأهمية أن يصاحب المهرجان زخم إعلامي وإعلاني يبرز قيمة المهرجان ومكانته وأهدافه في وسائلنا الإعلامية المحلية والخارجية.
لقد شهدت صناعات المهرجان في العالم تطورا كبيرا، وبدت الكثير من الدول ومنها دول المنطقة بما فيها سلطنة عمان تمتلك تجارب ثرية وغنية لتنظيم مختلف المهرجانات والفعاليات والمناشط التي وضعت تلك المهرجانات في صدارة المشهد السياحي والثقافي الإقليمي والدولي، وحققت - بما وفر لها من دعم - عائدات مالية كبيرة، هذا غير الجوانب والعوائد الاقتصادية المباشرة والغير مباشرة، لذلك يبرز ليالي مسقط، كما هو الحال أيضا بالنسبة لخريف صلالة كأحد المهرجانات التي شقت طريقها لكن الجميع دائما ما ينظر إلى أهمية استثمار حقيقي لهذه المهرجانات بما يحقق الاستفادة القصوى من تنظيمها اقتصاديا بشكل رئيسي ثقافيا وسياحيا، وهو ربما ما لم تتمكن هذه المهرجانات من تحقيقه بشكل كبير رغم ما يبذل من جهود من قبل اللجان الرئيسية لليالي مسقط من حيث الإعداد، والتنظيم ،والتجهيز وهي جهود بلا شك أنها مقدرة ومرحب بها من الجميع لكن تطلعات الجميع تبقى مرتفعة، وطموح الجميع هو أن يشكل ليالي علامة فارقة في المشهد السياحي والاقتصادي الذي تشهده المهرجانات الدولية، خاصة وأننا بعد هذه السنوات الطويلة من عمر ليالي مسقط بتنا أكثر قدرة على التجديد والتحديث والاستفادة من الممكنات التي توفرها هذه الصناعة.
مصطفى المعمري
كاتب عماني