السبت 27 يوليو 2024 م - 21 محرم 1446 هـ

الارتقاء بالأخلاق والسلوك فى ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية «18»

الأربعاء - 31 يناير 2024 05:29 م
10

إن الزواج من نِعم الله على الإنسان ووجب على الإنسان أن يشكر الله على نعمه، ولكن على من يقدم على الزواج أن يتعلم ويعرف فقه الزواج، فالزواج عند كثير من الناس ما هو إلا وسيلة استمتاع وقضاء الشهوة، ولكن الصواب أن يعرفوا أن للزواج حقوق وواجبات وهذا على الرجل والمرأة، وما أكثر المشكلات التي تحدث والشقاق إلا عن جهل أو تجاهل هذه الحقوق والواجبات.

وإذا نظرنا إلى الزوج والزوجة فعليهما الاعتدال والأدب فى أشياء سوف نذكرها إن شاء الله فى هذه المقالة وعدة مقالات لاحقة إن شاء الله تعالى، وبداية يستحب للزوج أن يولم فالوليمة فى العرس مستحبة لاجتماع الناس على الطعام وشكر النعمة، وفى الحديث الشريف الذى رواه البخارى بسنده قول النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):(أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) وينبغى ألا تقع المعاصى فى الوليمة لأن الْفُقَهَاءُ اختلفوا فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى وَلِيمَةِ النِّكَاحِ الْمُقَارِنَةِ لِبَعْضِ الْمَعَاصِي كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا، هَلْ يُجِيبُ الدَّعْوَةَ وَيُغَيِّرُ مَا يَرَاهُ مِنَ الْمُنْكَرِ بِيَدِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ إِنَّ قَدَرَ، وَإِلَّا أَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ وَصَبَرَ؟ أَمْ يُجِيبُ فِي حَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّغْيِيرِ دُونَ حَالِ الْعَجْزِ؟ أَمْ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ وَغَيْرِهِ فَيَحْرُمُ حُضُورُهُ الْمُنْكَرَ وَلَوْ مَعَ النَّهْيِ عَنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؟ أَقْوَالٌ لَا مَجَالَ هُنَا لِتَحْقِيقِ الْحَقِّ فِيهَا، وَلَا لِلْإِطَالَةِ فِي فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ. كما ينبغى على الزوج حسن الخلق بين الزوجات ــ إذا كان له أكثر من زوجة ــ وأن يصبر على الأذى منهن ويراعى ضعفهن فلا يستطيل عليهن وليعلم أنه مأمور بحسن العشرة والعدل بينهن، ففى حديث عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَرَ وَوَعَظَ، ثُمَّ قَالَ:(اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا). وفى الحديث الصحيح عند الشيخين أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) قال:(استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج)، وهذه الأحاديث لا تقلل من شأن المرأة ولكن تحث الرجل على حسن التعامل وأنه لا يعاملها كما يعامل الرجال الأقوياء ولنا أسوة حسنة فى معاملة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأزواجه أمهات المؤمنين، والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.

د. أحمد طلعت حامد سعد

كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية