الاثنين 23 ديسمبر 2024 م - 21 جمادى الآخرة 1446 هـ
أخبار عاجلة

أصداف : تحت «أثقال» الفقر

أصداف : تحت «أثقال» الفقر
الأحد - 22 ديسمبر 2024 03:13 م

وليد الزبيدي


أستخدمُ عبارة «تحت أثقال الفقر» بدلا من العبارة الوصفيَّة السَّائدة «تحت خطِّ الفقر»؛ لأنَّ الفقرَ يتسبَّب بأثقالٍ حقيقيَّة متنوِّعة الأشكال، تتفرع مِنْها تشعُّبات وآلام عديدة بمستويات متباينة.

تزداد أعداد الفقراء في العالَم بصورةٍ متسارعة، إذ تجاوز العدد المليار ومئة مليون في أحدث الإحصائيَّات الأُمميَّة. وما نريد التَّطرُّق إِلَيْه في هذه المساحة ما يتمُّ صرفُه من مبالغ طائلة، بل مجنونة على التَّسليح والحروب في مختلف دوَل العالَم، والهدف من ذلك صناعة الأسلحة الَّتي تهدف لقتلِ النَّاس في الكثير من بقاع الأرض الَّتي تشهد صراعات مُسلَّحة. على سبيل المثال، تعلن الولايات المُتَّحدة عن ميزانيَّة وزارة الدِّفاع الأميركيَّة بمبلغٍ تجاوزَ الـ(895) مليار دولار بما يزيد بواحدٍ في المئة عن ميزانيَّة العام الماضي 2023، ولا نريد المرور على ميزانيَّة بعض الدوَل الأخرى الَّتي تُشير إلى أرقام كبيرة جدًّا.

في حال وقفنا عِندَ الولايات المُتَّحدة صاحبة هذه الميزانيَّة الطَّائلة، وطرحنا بعض التَّساؤلات الجوهريَّة، جغرافيًّا تحيط البحار بغالية حدود أميركا، وليس هناك دوَل تُشكِّل خطرًا حقيقيًّا يُهدِّدها، ونجد عَبْرَ أكثر من قرن ورُبع القرن وتتنقل أميركا في دوَل كثيرة وبعيدة عن حدودها، تشنُّ الغزوات وتغذي الحروب وتُثير الفِتن وتشعل الانقلابات في هذه الدَّولة وذاك المُجتمع، وتزيد من ميزانيَّة التَّسليح.

وطالَما أميركا تقفُ في أعلى قائمة الدوَل المُتقدِّمة و»الديمقراطيَّة» ولدَيْها أعداد هائلة من مراكز الأبحاث والدِّراسات وتتَّجه غالبيَّتها لاستشراف المستقبل، وفي الوقت نَفْسه تَقُودُ الثَّورة التقنيَّة الَّتي تحتاج إلى الاستقرار والرَّخاء بنِسَبٍ متفاوتة ما يزيد من أعداد المستخدِمين لهذه المنتَجات الرَّقميَّة، هذا يطرح تساؤلات عن وضع النُّخب الأميركيَّة لخريطة طريق تتقلَّص في ضوء ذلك مساحات النّزاعات والحروب لصالحِ الاستقرار والسَّلام، وتوظيف نِسَبٍ عالية من الأموال الَّتي تذهبُ لصناعاتٍ حربيَّة كثيرة ـ ليس في الولايات المُتَّحدة وحدَها وإنَّما في دوَل العالَم ـ وتخصيص تلك المبالغ لجوانب ومشاريع تنمويَّة حقيقيَّة ويتمُّ التَّركيز على الدوَل الأكثر فقرًا، وانتشال نسبة كبيرة من الفقراء الَّذين يرزحون تحت أثقال الفقر وتخليصهم من المعاناة الشَّديدة، إضافةً إلى ما يُنتجه الفقر من أمراض اجتماعيَّة كثيرة لن يتوقفَ ارتدادها عِندَ حدود الشَّخص ومُجتمعه وأحيانًا يُشكِّل ظاهرة عالَميَّة تصيبُ بضررِها الكثيرين.

قد يبدو هذا الرَّأي بعيدًا عن الواقع، بل بعيدًا جدًّا، لكنَّه في نهاية المطاف الأقرب للفقراء وللأغنياء أيضًا؛ لأنَّ الأغنَى في الوقت الحالي هُمْ أصحاب المشاريع الرَّقميَّة، وكُلَّما انتقلَ النَّاس من الفقر إلى الحياة الطَّبيعة، اتَّجهوا لاقتناء المنتَجات الرَّقميَّة وأسهموا في انتشارها مع الإفادة من الجوانب والمميزات الإيجابيَّة في هذه الأجهزة، بما في ذلك منصَّات التَّعليم والصحَّة والبيئة والتَّنمية.

الحروب تزيد القتلى والمُعوّقين وتزيد أعداد الفقراء والمُشرَّدين والمُهَّجرين والنَّازحين.

لِيرَى قادة العالَم عالَمنا بعيونٍ جديدة تتَّسق والتَّطوُّرات الَّتي تشهدها البَشَريَّة، ومطلوب من العلماء وضع خطط تتكفَّل باستدارةٍ حادَّة في مسارات الحياة بما يكفل توفير شروط الحياة الكريمة للبَشَر.

وليد الزبيدي

كاتب عراقي

[email protected]