..والله سبحانه وتعالى فرض على المسلم على عدم قطيعة الرحم إن انقطعت عنه والقيام بحقوق صلة الرحم لينال الاجر والثواب ويسعى لتحقيق السعادة والخير والتعاون والاطمئنان والحب الذي يؤدي إلى نقاء وتصفية القلوب، فعن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- قال:(أوصَانِي خليلي -صلى الله عليه وسلم ـ بخِصالٍ من الخير: أوصَانِي ألا أنظُر إلى من هو فَوقِي وأن أنظُر إلى من هو دُوني، وأوصَانِي بحبِّ المساكين والدنُوِّ منهم، وأوصَانِي أن أصِلَ رَحِمِي وإن أدبَرَت، وأوصَانِي ألا أخافَ في الله لومةَ لائِمٍ)(رواه الإمام أحمد وابن حبَّان).
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أمَا ترضَين أن أصِلَ من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك؛ ثم قال رسول الله ـ صلى عليه وسلم: اقرؤوا إن شئتم (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوليْتُم أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ، أولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصارَهُمْ).
إن صلة الرحم من أعظم الطاعات التي تقرب إلى رب الأرض والسماوات لما لها من فضل عظيم فهي من أفضل الاعمال التي يتواصل بها المسلم مع ارحامه ويثاب بالأجر والثواب في الدنيا والآخرة ومن فضائل صلة الرحم هي: (1) فرض الله سبحانه وتعالى على المسلم العديد من الشعائر ومن هذه الشعائر صلة الرحم في الدنيا والآخرة أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)، (2) منذ يبلغ المسلم سن التكليف في هذه الدنيا يسعى ويجتهد ويسارع في أداء الأعمال الصالحة إلى تقربه إلى رضا الله سبحانه وتعالى والفوز بالجنة وصلة الرحم من الأعمال التي تقربنا إلى دخول الجنة فعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال:(جاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- فقالَ: دُلَّنِي علَى عَمَلٍ أعْمَلُهُ يُدْنِينِي مِنَ الجَنَّةِ، ويُباعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤْتي الزَّكاةَ، وتَصِلُ ذا رَحِمِكَ، فَلَمَّا أدْبَرَ، قالَ رَسولُ اللَّهَ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنْ تَمَسَّكَ بما أُمِرَ به دَخَلَ الجَنَّةَ)، (3) للواصل برحمه توجب له فضيلة صلة الله تعالى فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:(إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فَرَغَ منهمْ قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فَذاكِ لَكِ للواصل برحمه توجب له الفضيلة صلة الله تعالى، يقول عمرو بن دينار:(ما مِن خَطْوةٍ بعد الفريضةِ أعظمُ أجرًا من خَطوةٍ إلى ذي الرّحم) ثوابُها معجَّل في الدنيا ونعيمٌ مدَّخرَ في الآخرة، قال:(ليس شيء أُطِيعَ اللهُ فيه أعْجَل ثوابًا من صِلةِ الرحم)(رواه البيهقيّ).
إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري
كاتب عماني