في تاريخِ سلطنةِ عُمانَ التَّليدِ عددٌ كبير من الأيَّامِ الَّتي لهَا خصوصيَّةٌ، خصوصًا تلك الأيَّامَ المرتبطة بانطلاقِ عصرِ النَّهضة المباركة. ويُعَدُّ الحادي عشر من ديسمبر أحَدَ تلك الأيَّامِ الخالدةِ في الذَّاكرةِ الجمعيَّةِ العُمانيَّة الحافلة بالإنجازات، فهو اليومُ الَّذي تحتفلُ فيه قوَّاتُ السُّلطانِ المُسلَّحة بِيَومِها السَّنوي، الَّذي يُشكِّلُ ذِكرى لنَا كمواطنِينَ بما قدَّمتْه قوَّاتُنا المُسلَّحة من ملاحمَ خلَّدَها التَّاريخُ، وسطَّرَ خلالَها أبناءُ عُمانَ من البطولاتِ أروعَها، وكانتْ دماؤهمُ الزَّكيَّةُ بوَّابةَ العبورِ من عصرٍ إلى عصر. ففداءً لنهضتِهمُ المباركةِ بذلُوا أرواحًا رخيصة في سبيلِ الحقِّ والواجب؛ لِتَعيشَ عُمانُ في أمنٍ وأمانٍ واستقرار، وتنعمَ بالرَّخاءِ والاستقرار، الَّذي كانَ نواةَ انطلاقِ عصرِ النَّهضة العُمانيَّة المباركة.
إنَّ الدَّوْرَ الَّذي قامتْ وتَقُومُ به قوَّاتُ السُّلطانِ المُسلَّحة في التَّاريخِ العُماني الحديثِ، والَّذي نحتفي به كُلَّ عامٍ منذُ 1975م، يستحقُّ مِنَّا الفخرَ والاعتزازَ وتقديمَ العرفانِ على ما تحقَّقَ من منجزاتٍ كبيرة في مختلفِ المجالاتِ خلال (50) عامًا من مَسيرةِ النَّهضةِ المباركة. فجميعُ أبناءِ هذه الأرضِ الطيِّبة يُدركونَ أنَّ تضحياتِ قوَّاتِنا المُسلَّحة هي الَّتي مهَّدتْ لانطلاقِ عمليَّاتِ البناءِ والتَّطوير والتَّقدُّم والرَّخاء، وأنَّ دَوْرَها المتواصلَ في الذَّودِ عن مقدَّراتِ الوطنِ وحمايةِ أراضيهِ هي الَّتي بسطَتْ مظلَّةَ الأمنِ والأمانِ والاستقرارِ في رُبُوعِ الوطنِ الغالي، وهي النّواةُ الَّتي نمَتْ من خلالِها شجرةُ النَّهضةِ الوارفة وأظلَّتْ عُمانَنا الحبيبة، لذا فمن الطَّبيعي أنْ نلتقيَ في الـ(11) من ديسمبر من كُلِّ عامٍ تخليدًا للمنجزاتِ التَّاريخيَّةِ الوطنيَّة الَّتي حقَّقتْها قوَّاتُ السُّلطانِ المُسلَّحة.
ويأتي هذا الاحتفالُ اعتزازًا بما وصلتْ إِلَيْه قوَّاتُ السُّلطانِ المُسلَّحة من تقدُّمٍ وتطوُّر، وبما تضطلعُ به من مهامَّ وأدوارٍ وطنيَّة مشهودة، حتَّى وصلتْ إلى مستوًى مُشرِّفٍ يفخرُ به كُلُّ مَن يعيشُ على هذه الأرضِ الطيِّبة، إلى جانبِ إسهاماتِها التَّنمويَّةِ المُتنوِّعة، فقَدْ باتَتْ أحَدَ الشَّواهدِ العظيمةِ لمنجزاتِ النَّهضةِ الحديثة الَّتي أرسَى دعائمَها المغفورُ له ـ بإذنِ اللهِ تعالى ـ السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّبَ اللهُ ثراه ـ وترسّم نهجَه حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم القائد الأعلى ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ الَّذي أكَّدَ علَى رعايتِه واهتمامِه مُسجِّلًا بكُلِّ فخرٍ واعتزازٍ كلمةَ ثناءٍ وعرفانٍ لجميعِ العاملينَ بقوَّاتِنا المُسلَّحة علَى دَوْرِهم في حمايةِ هذا الوطنِ العزيز، والذَّودِ عن حياضِه، والدِّفاعِ عن مكتسباتِه، متعهِّدًا جلالتُه بالاهتمامِ، لِتَبقَى هذه القِطاعاتُ الحصنَ الحصين، والدِّرعَ المَكين في الذَّودِ عن كُلِّ شبرٍ من ترابِ الوطنِ العزيزِ من أقصاهُ إلى أقصاه.
إنَّ الحادي عشر من ديسمبر أصبحَ يومًا مَجيدًا في التَّاريخِ العُماني، حيث أنارَ شعلةَ السَّلامِ والأمن، فكانَ انطلاقةً شاملةً للبناءِ والنَّماء لهذا البلدِ الأبيِّ، لذا أضحَى يومَ إلهامٍ للمَعاني الوطنيَّة، فمِنْه انطلقَ أبناءُ عُمانَ الأوفياء نَحْوَ آفاقِ المستقبلِ بروحٍ مليئة بالعزائم؛ من أجْلِ خدمةِ هذا الوطنِ كُلٌّ حسبَ موقعِه، مشمِّرينَ عن سواعدِ العزمِ، منطلِقِينَ لرفعةِ وصونِ عُمان الغالية وأبنائِها البررةِ المخلِصِين، لِتَبقَى أرضُ عُمانَ مصونةً ومنجزاتُها محروسةً، وتاريخُها شاهدًا على عظَمةِ العملِ والعطاء، وحاضرُها مُشرقًا زاهرًا بالإنجازاتِ في شتَّى المجالاتِ وعلى جميعِ الأصعدة، تسابقُ الزَّمنَ لِبُلوغِ المزيدِ من أوْجُه التَّطوُّرِ وصوَرِ التَّقدُّمِ والازدهار، وتحقيقِ رفاهيَّةِ المواطنِ العُماني بقيادةِ حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم القائدِ الأعلى ـ أبقاهُ الله.