يُشكِّلُ التُّراثُ العُماني جزءًا رئيسًا من هُوِيَّة سلطنةِ عُمانَ الوطنيَّة، فقَدْ حرصتْ منذُ انطلاقِ نهضتِها المباركة على المزجِ الفاعل بَيْنَ توجُّهِها نَحْوَ الحداثةِ ومُواكبةِ العصرِ، وبَيْنَ الحفاظِ على الموروثِ والتُّراث الثقافي والقِيَمي كمُكوِّن أساسٍ لشخصيَّةِ أبناءِ النَّهضةِ العُمانيَّة المباركة. فالرَّغبةُ في بناءِ دَولةٍ عصريَّة تأخذ بأحدَثِ أساليبِ العِلم والتقنيَّة لم تجعلْ هذا البلدَ العزيز يتنكَّر لتُراثِه العريق وأمجادِه التَّليدة، بل سعَى دائمًا إلى دمجِ الحداثةِ بالأصالة، ولم يكُنِ الحرصُ فقط في التَّمسُّكِ بهذا التُّراثِ والموروث التَّليد داخليًّا، وإنَّما سعَى إلى إدراجِه في نسيجِ الثَّقافةِ والتُّراث العالَمي، لِيؤكِّدَ على دَوْرِه الحضاري على مدارِ تاريخِه الطَّويل الممتدِّ لآلاف السِّنين، وذلك باعتبارهٍ ركنًا أساسًا من الهُوِيَّة الوطنيَّة العُمانيَّة يُسهمُ في ترسيخِ الاحترامِ والتَّفاهم والسَّلام بَيْنَ الشُّعوب، ويساعدُ على تحقيقِ التَّنميةِ المستدامة، وتؤدِّي المحافظةُ عَلَيْه إلى نقلِ المعارف والمهارات والمعاني والقِيَم من جيلٍ لآخر.
ويأتي إدراجُ برنامجِ سفينةِ التَّدريب الشّراعي (شباب عُمان) للسَّلام والحوار الثَّقافي المستدام بوصفِه ملفًّا وطنيًّا في قائمةِ أفضلِ ممارساتِ الصَّون للتُّراثِ الثَّقافي غير المادِّي للإنسانيَّة بمُنظَّمة الأُمم المُتَّحدة للتَّربية والعِلم والثَّقافة (اليونسكو)، وهو أوَّلُ برنامجٍ يُسجَّلُ باِسْمِ سلطنةِ عُمانَ في هذه القائمةِ الَّتي تجسِّدُ أهدافَ ومبادئَ اتفاقيَّة 2003 لِصَونِ التُّراثِ الثَّقافي غير المادِّي، يأتي خطوةً جديدةً في حفاظِ السَّلطنة على تراثِها، خصوصًا وأنَّ برنامج سفينة التَّدريب الشّراعي (شباب عُمان) التَّابعة للبحريَّة السُّلطانيَّة العُمانيَّة قد حَظِيَ بإشادةٍ واسعة من قِبَلِ لَجنةِ خبراءِ تقييمِ الملفَّاتِ بمُنظَّمةِ اليونسكو، وهو ما يعكسُ جهودَ وإمكاناتِ سلطنةِ عُمان في تفعيل الاتفاقيَّة الدوليَّة لِصَونِ التُّراثِ الثَّقافي غير المادِّي وإعدادِ ملفَّاتِ التَّرشيح.
إنَّ هذا المشروعَ لم يَعُدْ من المشروعاتِ والبرامجِ المتميِّزة الَّتي تُسهمُ في نَشرِ الثَّقافةِ العُمانيَّة على المستوياتِ الإقليميَّة والدّوليَّة، وإسهاماتِها في نَشرِ ثقافةِ الحوارِ وتعزيزِ مبادئِ احترامِ التَّنوُّع والاختلاف الثَّقافي، ويُمثِّلُ هذا التَّسجيلُ اعترافًا وتقديرًا عالَميًّا للدَّوْرِ الَّذي تَقُومُ به سفينةُ (شباب عُمان) في نَشرِ الثَّقافةِ من خلالِ المشاركةِ في الفعاليَّاتِ والمهرجانات العالَميَّة، وهو ما يعكسُ نهْجَ السَّلطنةِ في نَشرِ ثقافةِ الحوارِ والسَّلام بَيْنَ مختلف دوَلِ العالَم. ويعكسُ هذا الملفُّ استدامةَ برامجِ (شباب عُمان) واستمراريَّتها، من خلال توظيفِ التَّراكم المعرفي وخبراتِ السَّفينة في تنفيذِ عددٍ من المشروعاتِ الثقافيَّة، واستشرافِ المستقبلِ في ضوءِ محاورِ الاستراتيجيَّةِ الثَّقافيَّة وأولويَّات رؤية «عُمان 2040».
إنَّ إدراجَ برنامجِ سفينةِ التَّدريبِ الشِّراعي (شباب عُمان) للسَّلام والحوارِ الثَّقافي المستدام في قائمةِ أفضلِ الممارساتِ لِصَونِ التُّراثِ الثَّقافي غير المادِّي للإنسانيَّةِ بمُنظَّمةِ الأُممِ المُتَّحدة للتَّربيةِ والعِلم والثَّقافة (اليونسكو) يُمثِّلُ إنجازًا دوليًّا، وقد جاءتْ حصيلةَ جهودٍ جبَّارة وأدوارٍ وطنيَّة رائدة قدَّمَتْها سفينةُ (شباب عُمان) عَبْرَ رسالتِها الوطنيَّة السَّامية في مدِّ جسورِ التَّواصُلِ الحضاري والثَّقافي بَيْنَ الأُمم. فهذا الإنجازُ ما كان ليتأتَّى لولا الجهودُ المُضنية الحثيثة في المحافظةِ على الإرثِ البحري العريقِ عَبْرَ سفينةِ (شباب عُمان الثَّانية) وما قدَّمَتْه طيلةَ سنواتٍ مُتعاقبة ولا تزالُ تُقدِّمُه سفينةُ (شباب عُمان) من أدوارٍ وطنيَّة رائدة في مدِّ جسورِ التَّواصُلِ الحضاري بَيْنَ الشُّعوبِ، ومشاركاتِها العالَميَّة في مختلفِ الفعاليَّات والملتقيات الدّوليَّة الهادفةِ إلى التَّعريفِ بالثَّقافة العُمانيَّةِ بمفرداتِها المختلفة، فالسَّفينةُ وطاقمُها نموذجٌ حضاري فريدٌ يُبحرُ حاملًا قِيَمَ التَّسامحِ والمَحبَّةِ والتَّواصُلِ الحضاري النَّبيلِ بَيْنَ الشُّعوب.