تَعُدُّ «إسرائيل» أنَّ اتِّفاق وقف إطلاق النَّار، على الجبهة الشَّماليَّة مع لبنان، اتِّفاقٌ أقرب إلى الهدنة المؤقَّتة، أو بمنزلةِ اتِّفاق تكتيكي على حدِّ تعبير الوزيرة (أوريت ستروك) من وزارة نتنياهو الائتلافيَّة، والَّتي تنتمي لحزبِ «الصهيونيَّة الدِّينيَّة» بقيادةِ بتسلئيل سموريتش. وبالمختصر، الاتِّفاق تمَّ بوساطة أميركيَّة أساسًا، وبدعمٍ فرنسي، فيما يبدو أنَّ كُلَّ طرفٍ من طرفَي الاتِّفاق، لبنان و»إسرائيل»، يرَى أو يُفسِّر الاتِّفاق وفق متطلَّباته الفَوريَّة والضروريَّة. في الدَّقائقِ الأخيرة قَبل وقفِ إطلاقِ النَّار واصلَ جيش الاحتلال عدوانه وقصَفَ مناطقَ مختلفةً في لبنان، بَيْنَها الضَّاحية الجنوبيَّة لبيروت. كما واصلتِ المقاوَمة الإسلاميَّة في لبنان عمليَّاتها العسكريَّة وأعلنَ حزبُ الله عن استهدافِ مواقعَ أمنيَّة حسَّاسة في «تل أبيب» بطائراتٍ مُسيَّرة ردًّا على قصفِ بيروت، وكشفَ يوم أمس عن ضربِ مقرِّ إقامة قائد سلاح الجوِّ في جيش الاحتلال تومر بار بالطَّيران المُسيَّر يوم الاثنين الماضي وسط تكتُّم من جانبِ «الرَّقابة العسكريَّة الإسرائيليَّة».
وأعلنَ نتنياهو عِندَ السَّاعة العاشرة من مساء الثلاثاء الـ(26) من تشرين الثَّاني ـ نوفمبر 2024 أنَّ المجلس الوزاري المُصغَّر للشُّؤون الأمنيَّة والعسكريَّة والسِّياسيَّة المهمَّة (الكابينيت) وافقَ على وقفِ إطلاقِ النَّار مع لبنان وعلى بنود اتِّفاق وقفِ إطلاقِ النَّار، وصادقَ عَلَيْه الجميع دُونَ أيِّ رفضٍ أو تحفُّظ. مُشدِّدًا على أنَّه «بالاتِّفاق الكامل مع الولايات المُتَّحدة، نحتفظُ بالحُريَّة التَّامَّة للتَّحرُّك عسكريًّا» في لبنان.
رئيس «المعارضة الإسرائيليَّة» يائير لابيد (وهو يميني التَّصنيف سياسيًّا) علَّق على وقفِ إطلاقِ النَّار بقولِه للقناة التلفزيونيَّة (12) مساء الأربعاء: «عهد نتنياهو حدثَتْ الكارثة الأكبر في تاريخنا وأيّ اتِّفاق مع حزب الله لن يمحوَ الإهمال». وأضافَ لابيد أنَّ حكومة اليمين بقيادة نتنياهو «انجرَّتْ إلى اتِّفاق مع حزب الله، بعد أن باتتِ المُدُن مُدمَّرةً وحياة السكَّان انهارتْ والجيش مُنْهَك ونتنياهو يُسمِّي الاتِّفاق مع لبنان وقفَ إطلاقِ نارٍ، لكن فعليًّا الحرب انتهتْ». الوزيرة أوريت ستروك (من الائتلاف الحكومي) بقيادة نتنياهو، والَّتي انضمَّتْ مؤخرًا كعضوٍ مراقِبٍ في «مجلس الوزراء الإسرائيلي»، شرحتْ في مجموعةٍ داخليَّة لأعضاء حزب «الصهيونيَّة الدِّينيَّة» أسباب دعم الحزب للاتِّفاق الأخير الَّذي تمَّ اعتماده، مُبيِّنة النقاط الرئيسة الآتية: وقف إطلاق نار تكتيكي فقط (لاحظوا قولها: تكتيكي فقط...!!!!)، وحزب «الصهيونيَّة الدِّينيَّة» يدعم الاتِّفاق كخطوةٍ مؤقَّتة ذات أهداف استراتيجيَّة أمنيَّة وسياسيَّة لا يُمكن الإفصاح عَنْها حاليًّا.
وفي الشَّارع «الإسرائيلي» ومن خلال استطلاعٍ للرَّأي أجرَتْه القناة «12 الإسرائيليَّة»، ونُشر مساء الثلاثاء الـ(26) من نوفمبر 2024، أي ليلة الإعلان عن اتِّفاق وقفِ إطلاقِ النَّار نلحظ الآتي: (37%) من «الإسرائيليِّين» يؤيِّدون التَّسوية الَّتي تمَّ التَّوصُّل إِلَيْها مع لبنان، بَيْنَما يُعارضها (32%) ولا يعرف (31%) من المستطلعةِ آراؤهم الإجابة عن هذا السُّؤال. وبيَّنت نتائج الاستطلاع أنَّ (50%) من «الإسرائيليِّين» يعتقدون أنَّ الحربَ ضدَّ حزبِ الله انتهتْ دُونَ حسمٍ، بَيْنَما يعتقد (20%) فقط أنَّ «إسرائيل» انتصرتْ، و(19%) يرونَ أنَّ «إسرائيل» خسرتْ، في حين لم يحسمْ (11%) موقفَهم في هذا الشَّأن.
وقَبل الإعلان عن التَّوصُّل إلى الاتِّفاق مع لبنان، طُلب من المشاركين في الاستطلاع تقدير المُدَّة الَّتي سيستمرُّ فيها وقفُ إطلاقِ النَّار؛ فأجابَ (24%) أنَّ الاتِّفاق سيستمرُّ لسنواتٍ، ويرى (28%) أنَّه سيستمرُّ لبضعة أشْهُر، بَيْنَما يعتقد (30%) أنَّه سينهار في وقتٍ قريب.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك