في الوقت الذي يفترض ان تسخر وسائل الاتصال الحديثة التي قضت على الوسائل التقليدية لخدمة المجتمع، وان تكون نعمة عليه لسهولة استخدامها وسرعة وصولها الى المتلقى وتفاعلها اللحظي، تحولت الى نقمة جراء سوء الاستخدام واصبح المجتمع يدفع ثمنها ليس على مستوى الأفراد فقط وإنما حتى على مستوى الوطن ،الذي لم يسلم من الاساءة والتجريح والنقد المبني على حساب جمع اعداد المتابعين وصولا إلى الشهرة الزائفة ،فالانفلات في المحتوى الذي للأسف الشديد يقدمه البعض وهم كثر ممن يدعون بانهم فاعلون على شبكات التواصل الاجتماعي وانا لا أرى ذلك، تسبب حتى الآن في العديد من السلبيات والانحراف في بعض القيم والمباديء، ونقلوا صورة غير مقبولة عن الجهود التي بذلت وتبذل للارتقاء بالمواطن في مختلف المجالات ،وحولوا الحالات الفردية التي لا يخلو منها اي مجتمع على انها وضع عام سائد، وبالتالي اعطوا صورة غير حقيقية للداخل والخارج عن وضع المجتمع والبلد بصفة عامة، في الوقت الذي يفترض ان يضعوا سمعة الوطن هدفهم الأسمى بدلا من حرصهم على زيادة متابعين تضاف إلى رصيدهم.
فالانجاز في المحتوى ليس في ذلك المشهد الذي يصور فيه حاله اجتماعية بحاجة الى مساعدة ويستعطف فيها الناس، أو تستغل من قبل البعض لجمع مبلغ من المال يتضح فيما بعد على انها نوع من التسول، وانما التواصل لمثل هذه الحالات مع الجهات المعنية ومن ثم نقل تقديم الخدمات التي قدمت لمثل هذه الحالات ،حيث من السهل بمحتوى بسيط هدم جهود وخدمات تقدم واستعطاف الالاف من افراد المجتمع لكي يتفاعلوا معهم وذلك بطيبعة الحال لا يمثل انجازا حقيقيا، إنما الانجاز هو من يعمل على المساهمة في بناء القيم والاخلاق وان يكون خط الدفاع الأول في مواجهة الغزو الثقافي الموجه وغير المحسوب، فالتقليد الأعمي الذي انتهجه بعض من يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي في صنع محتوى هابط بدأ يؤثر على الجيل الحالي من الشباب من خلال التفاعل معه ،بل على الجانب الآخر نسف الكثير من الجهود والبرامج التي تقدم في مجال الرعاية الاجتماعية طوال العقود الخمسة الماضية.
نعم نتفق ان هناك بعض الاخفاقات في تقديم بعض الخدمات نتيجة البيروقراطية في تقديم الخدمة التي في الاساس موجودة واعتقد انه تعالج حاليا بطرق عدة ،الا ان ذلك يجب ان لايستغل عبر الفضاء الالكتروني وتقديم صورة هدم سوداوية تكون مادة خصبة لاولئك المتربصين الحاقدين على عمان وقيادتها.
طالب بن سيف الضباري