الجمعة 27 ديسمبر 2024 م - 25 جمادى الآخرة 1446 هـ

معجزة الحضارة فـي أرض عمان

معجزة الحضارة فـي أرض عمان
الأربعاء - 27 نوفمبر 2024 03:41 م

جودة مرسي

30

صنَّف علماء الاجتماع السُّلطات الرَّئيسة في المُجتمع بأنَّها ثلاث سُلطات هي السُّلطة التَّنفيذيَّة والسُّلطة التَّشريعيَّة والسُّلطة القضائيَّة، الأولى بِيَدِها مقاليد الأمْرِ وتنفيذ سياسات الحُكم وإدارة الشُّؤون الدَّاخليَّة والخارجيَّة للدَّولة، والثَّانية تُمثِّل القناة الرَّسميَّة للتَّشريع وسنِّ القوانين الَّتي تَسير عَلَيْها الدَّولة وتُنفِّذها السُّلطة القضائيَّة والسُّلطة التَّنفيذيَّة معًا، كما تُمثِّل الشَّعب في محاسبةِ المُقصِّرين ومناقشة أسباب الإخفاق في تلبيةِ طموحاته، ووضع المُفكِّرون نظريَّات لضمانِ استقلاليَّة كُلِّ سُلطة عن الأخرى وكذلك مراقبتها، واتَّفق الجميع على منحِ سُلطاتٍ واسعة للحاكم وتمكينِه من تحقيقِ آمالِ الشَّعب، وتعزيز النِّظام العامِّ في البلاد، وهذا النِّظام العالَمي لم أرَ تناغمًا في مستوى التَّطبيق الحياتي كما أراه وعايشتُه في أرض عُمان، أرض مجان، أرض التَّاريخ، أرض الحضارة، أرض الإنسان الَّذي يَعْلمُ حدود الكون. وتتناغم مبادئه وقناعاته وإيمانه في سيمفونيَّة شاعريَّة وسرديَّة فريدة بَيْنَ القائد والشَّعب، بَيْنَ القلاع والوديان، بَيْنَ الجبال والسُّهول، بَيْنَ الأرض والإنسان، ونرَى كُلَّ هذا مُعبِّرًا عَنْه بدقَّةٍ متناهية في قولِ الشَّاعر (سلمت يا موطن الأمجاد والكرم، يا موطني يا رفيع القدر والقِيم.. سلمت حام لهذا الدين يا وطنا سما به المجد حتَّى حل في القمم.. لم تعرف الأرض أغلى منك يا وطنا، علوت يا موطني وازددت مفخرة، كل يرى المجد قد حلاك بالعظم، أنت الَّذي في قلوب الشَّعب مسكنه، أنت الَّذي في قلوب الناس لم ترم).

دائمًا ما تُذكِّرنا الأعياد الوطنيَّة بمواقفِ الرِّجال الَّتي تسجّل في روزنامة التَّاريخ بأحْرفٍ من نُور فتُضيء صفحاته بقبسٍ من نور، محمَّلة بعطرِ الفخر والأمجاد لإخوةٍ في العقيدة والعروبة والإنسانيَّة، ونحن في العيد الوطني الرَّابع والخمسين المَجيد، هذه المناسبة الوطنيَّة الغالية على قلبِ كُلِّ عُماني، وكُلِّ مَن يشاركه فرحتها بإنجازاتها من كُلِّ مُحبٍّ ومُقِيم على أرض عُمان العفيَّة المَجيدة، أعاده الله على حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ وعلى الشَّعب العُماني الأصيل، الكريم، صاحب الرُّجولة والشَّهامة والمواقف النَّبيلة الَّتي يندر أن نرَى مثيلًا لهَا في زمنٍ ضاعَتْ فيه بوصلةُ الأخ والصَّديق. أمَّا في عُمان فنرَى مواقفَ الرِّجال الَّتي تتَّفق مع العروبة والإسلام، وهي السَّنَد والنِّبراس لكُلِّ عربي ومُسلِم اشتدَّتْ عَلَيْه المِحن فوجَدَ فيها العَوْنَ والسَّنَد. إنَّ سلطنة عُمان وهي تحتفل بمناسبة العيد الوطني الرَّابع والخمسين المَجيد تفخر بما تحقَّق من إنجازاتٍ عظيمة بدأتْ مع عهد النَّهضة المباركة الَّتي أرساها المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ وطوَّر هذه النَّهضة وحافظَ عَلَيْها، وألقَى فيها دعائم جديدة لتستمرَّ مَسيرةُ البناء نَحْوَ غدٍ أفضل بقيادة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ. وما هذه المناسبة السَّعيدة إلَّا إشارة إلَى كُلِّ الكونِ بأنَّ هناك قائدًا وشَعبًا صنَعَا وطنًا زانَتْه الأمجادُ ورفاهيَّة الإنسان على أساس متين دائمًا ما يُشار إِلَيْه بالبنان. إنَّ (54) عامًا من النَّهضة الشَّاملة في التَّعليم والصحَّة والبناء والاقتصاد وغيرها من مفردات السَّعادة في تنمية الإنسان ليسَتْ بالكبيرة في عمر الدّوَل، ولكنَّها في عُمان صنَعتِ المعجزات فحافظتْ على الحضارة، وكانتْ للتَّنمية أصدقَ عنوان، والتَّاريخ حاضِر وشاهِد على كُلِّ ركنٍ في أرض عُمان، من مسقط إلى صلالة مرورًا على الدَّاخليَّة والباطنة والشَّرقيَّة والظاهرة ومسندم والبريمي والوسطى، وكيف وصلتْ له يَدُ التَّنمية وكيف لأرضٍ أُلقيتْ فيها البذور، فأنبتتْ ياقوتًا ورجالًا مُسلَّحِين بالعِلمِ والإيمان، وكانوا في الميعاد على نهضتِهم محافِظِين ومُكملِين حتَّى أصبحتْ حديثَ كُلِّ صباحٍ ومساء بكُلِّ اللُّغات، إنَّها معجزة الحضارة في أرض عُمان مفخرة لكُلِّ إنسان.

جودة مرسي

[email protected]

من أسرة تحرير « الوطن»