ما الأعيادُ الوطنيَّة إلَّا محطَّات للتَّأمُّل والمُراجعة بما تَحقَّق على أرض الوطن من إنجازات، وشحذِ الهِمَمِ والعزائم لاستكمالِ مَسيرةِ العطاء، فتقرع طبول الأفراح والاحتفالات لِتكُونَ تلك الإنجازاتُ منبعَ فرحٍ لجميعِ المواطنين، فتدقَّ معها القلوب بحُبِّ الوطن مع دقَّات طبولِ الأفراح لِتُعبِّرَ عن إخلاصِها لوطنِها.
نصفُ قرنٍ مضَى منذُ انطلاقِ نهضةِ سلطنةِ عُمانَ الحديثة يوم الـ(23) من يوليو 1970 بقيادةِ مؤسِّس الدَّولة العصريَّة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه. وقد سارتْ سلطنةُ عُمانَ واثقةَ الخطوِ نَحْوَ أهدافِها الَّتي حدَّدتها في جميع المجالات، سواء في مجال التَّنمية أو في مجال العلاقات الدّوليَّة، أو في المجال العسكري. إنَّ هذه الخُطى الحثيثةَ تسعَى للوصولِ لمرادِها وهي تحقيقُ الازدهارِ ورغدِ العيش للعُمانيِّين، فتلك الخطواتُ المُتسارعة نَحْوَ التَّنمية هي خطواتٌ مدروسة على دربٍ واضحِ المرام.
واليوم تحتفلُ عُمان بعيدِها الوطني الرَّابع والخمسين والَّذي يوافقُ الـ(18) من نوفمبر من كُلِّ عام، والواقع أنَّ الاحتفالَ بالعيد الوطني لا يقتصرُ على إقامةِ الاحتفالات، بل هو وقفةُ تأمُّلٍ وتدبُّر وتقييم لِمَا تمَّ إنجازه في بناء نهضةِ عُمان، ووقفةٌ لاستشرافِ المستقبلِ وتحقيقِ المزيدِ من الإنجازات. لِتمرَّ أعوامٌ وأعوام وعُمان في تطوُّر ونماء مستمرٍّ، مستثمِرةً جميعَ مواردها: وأهمُّها مواردها البَشَريَّة، فقَدْ توارَثَ العُمانيون الإبداعَ وحُبَّ التَّطوير، فمِنْهم البحَّار أحمد الماجد، ومِنْهم الخليل بن أحمد الفراهيدي و...إلخ حتَّى سطَّروا صفحاتٍ في كِتاب الحضارات، ولم يكتفوا باستثمارِ الثَّروة البَشَريَّة، بل استثمروا الثَّروات الطَّبيعيَّة الجيولوجيَّة والبحريَّة والهيدروجين الأخضر، وبالطَّبع استثمروا موقعَ عُمان الجغرافي، وجَمال طبيعتِها، وثرواتها الزِّراعيَّة، وإرثَها الحضاري العريق وغيرها.
أربعة وخمسون عامًا والمشاريع التَّنمويَّة مستمرَّةٌ لخدمةِ المواطنِ وفق رؤية «عُمان 2040»، واحدًا تلْوَ الآخر. تلك الرُّؤية الَّتي تجعل عُمان تُسيرُ بخُطًى ثابتةٍ نَحْوَ تحقيقِ أهدافِها المرسومة، حتَّى سطِّرَ على غلافِ وثيقة الرُّؤية الَّتي أصدرَتْها عُمان عبارة تُعبِّر عن خطواتِ عُمان الطَّموحة وهي: (نتقدَّم بثقة). فرؤية «عُمان 2040» تُنيرُ الدَّربَ للوصولِ للغايةِ السَّاميَّة وهي تحقيق المصلحة العامَّة. إنَّ تلك المشاريعَ والَّتي استلهمَتْها سلطنةُ عُمانَ بانطلاقِ خطَّة التَّنمية الخمسيَّة العاشرة (2021ـ2025)، الَّتي تُحقِّق تطلُّعات البلاد التَّنمويَّة وتجعلها في مصافِّ الدوَل المُتقدِّمة بمتابعةِ وتوجيهاتِ القيادةِ الحكيمة لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ. إنَّ رؤية «عُمان 2040» ترسمُ خطَّة استراتيجيَّة مستقبليَّة لعُمانَ تجعلُها قادرةً على مواجهةِ التَّحدِّيات والصُّعوبات، وقادرة على اتِّخاذ كُلِّ ما يلزم لتحقيقِ الرَّفاه الاجتماعي للمواطن، وهذا ما أكَّده جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ في كلمتِه الواردة في مقدِّمة وثيقة الرُّؤية: (إنَّ رؤية «عُمان 2040» هي بوَّابة السَّلطنة للعُبورِ للتَّحدِّيات ومواكبة المُتغيِّرات الإقليميَّة والعالَميَّة واستثمار الفرص المُتاحة وتوليد الجديد مِنْها من أجْلِ تعزيزِ التنافسيَّة الاقتصاديَّة والرَّفاه الاجتماعي وتحفيز النُّمو والثِّقة في العلاقات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والتَّنمويَّة في كافَّة محافظات السَّلطنة). فتلك المقولة باتَتْ من الأقوال السَّامية الَّتي تُنيرُ دربَ كُلِّ مَن يُسهم في بناء نهضة عُمان. وستظلُّ نبراسًا للأجيال القادمة. فالاستمرارُ في وضعِ لَبِنات صرحِ نهضةِ عُمان أمانةٌ في عُنق كُلِّ مواطن عُماني، فالعمل الفريقي هو السَّبيل لاستكمالِ بناءِ النَّهضة.. حفظَ اللهُ سلطنةُ عُمانَ، وحفظَ اللهُ سُلطان البلاد جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم، وكُلُّ عامٍ وعُمان الحبيبة وشَعبها الكريم في تقدُّم وازدهار... ودُمْتُم أبناء قومي سالِمِين.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
Najwa.janahi@