حَبَا اللهُ سلطنةَ عُمانَ بموقعٍ جغرافيٍّ فريد، موقعٍ يؤهِّلُها لاعتلاءِ منصَّة الرَّخاء والتقدُّم الاقتصادي المتميِّز على مستوى الإقليم، بل وعلى مستوَى العالَم كذلك: إذ تمتدُّ السَّلطنة الزَّاهرة على نَحْوٍ طُولي عَبْرَ الزَّاوية الجنوبيَّة الشَّرقيَّة لِشِبْهِ جزيرةِ العرب، فيحدُّها بحر عُمان جنوبًا والخليج العربي شرقًا والمملكة العربيَّة السعوديَّة والجمهوريَّة اليمنيَّة غربًا. وإذا ما أمعنَ المرءُ النَّظر في هذا الموقع وفي التَّقسيم الإداري للسَّلطنة (وقد وثبتْ على أساس إحدى عشرة محافَظةً، تتخصَّص كلُّ واحدةٍ من هذه المحافظات بنشاطٍ اقتصادي يُميِّزها عن سواها، ناهيك عن حقيقةٍ مفادُها هو أنَّ أهَّم هذه المحافظاتِ هي مسقط العاصمة الإداريَّة والسِّياسيَّة للسَّلطنة الزَّاهرة، فهي القلبُ النَّابض بالحياة، بقدرِ تعلُّقِ الأمْرِ بالتِّجارة والاقتصاد. أمَّا بقيَّة المحافظاتِ والتَّقسيماتِ السِّياسيَّة والإداريَّة، فتشتهرُ بالزِّراعة وتربية المواشي الَّتي تدعمُ الاقتصاد العُماني وتساعدُ على تحقيق الاكتفاء الذَّاتي، ومِنْها نخصُّ بالذِّكر محافظةَ ظفار الَّتي تنتجُ أهمَّ المنتَجات الزِّراعيَّة، من اللّبان والبخور إلى الفواكه، الأمْرُ الَّذي يؤهِّلها لأداء دَوْرٍ سياحيٍّ متميِّز، على المستويَيْنِ الدَّاخلي والخارجي.
أمَّا الصِّناعات العُمانيَّة، فتتوزَّعُ بَيْنَ الولاياتِ والمحافظاتِ تأسيسًا على ما تَهبُه الأرضُ المعطاء من إنتاجٍ قابلٍ للتَّعامل الصِّناعي التَّحويلي الَّذي يتركَّز على أهمِّ مواردِ الاقتصادِ الوطني العُماني، أي على استخراجِ وإنتاجِ النِّفط والغاز، ناهيك عن حرصِ الحكومة والشَّعب العُماني الشَّقيق للحفاظِ على الصِّناعات التَّقليديَّة القديمة المتوارثة جيلًا عن جيل، مِثل صناعة الفخَّار والقوارب الخشبيَّة الَّتي يعتمدُ عَلَيْها العُمانيون للصَّيْدِ ولتلبيةِ حاجةِ الأسواقِ المحليَّة من الأسماك، وسواها من المنتَجات البحريَّة.
أمَّا المحافظاتُ الدَّاخليَّة البعيدة عن السَّواحل البحريَّة، مِثل البريمي والدَّاخليَّة والظاهرة، فإنَّها تعتمد على الزِّراعة وعلى تربية المواشي والصِّناعات التَّقليديَّة. والحقُّ، فإنَّ المحافظاتِ والولاياتِ العُمانيَّةَ تحظَى بعنايةٍ ومتابعةٍ متواصلةٍ من قِبل حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق من أجْلِ تقدُّمٍ وازدهارٍ متوازنٍ يَقُودُ إلى توازنٍ مُجتمعي مِثالي، هو توازنٌ يحظَى بإعجابِ كُلِّ مُهتمٍّ ومتابعٍ للحياةِ في هذه السَّلطنة المباركة.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي