للمرشَّح لنائب الرَّئيس عن الحزب الجمهوري جي دي فانس موقف واضح من الغزو الأميركي للعراق، يقول في مناسبات عدَّة: إنَّ غزوَ العراق هو الخطأ الأكثر كارثيَّة في تاريخ السِّياسة الخارجيَّة للولايات المُتَّحدة. وحقَّق فانس خلال السَّنوات الأخيرة تقدُّمًا سياسيًّا كبيرًا، ولفَتَ الأنظار إلى شخصيَّته بعد نشْرِ كِتابه الخاصِّ بسِيرته الشَّخصيَّة والعائليَّة، حقَّق الكِتاب أعلى المبيعات وتحدَّث بالتَّفصيل عن حياته وعائلته وكيف عصفتِ الظُّروف به منذُ الطُّفولة.
سواء فاز دونالد ترامب في الانتخابات الحاليَّة أو لم يفُزْ فإنَّ فانس يُحقِّق حضورًا متزايدًا في عوالم السِّياسة الأميركيَّة، وبالتَّأكيد سيتبوَّأ مناصب مهِمَّة في المستقبل. ما يهمُّنا هُنَا، موقف فانس من الحروب، جاء كُلُّ ذلك بعد أن خدم أقلَّ من سنَة في العراق، لم يكُنْ محاربًا، وإنَّما خدَم في العلاقات العامَّة ونشرَ تقارير عسكريَّة، قال فيها حقائق لم يتطرَّقْ إِلَيْها الكثيرون وخرجَ موقفه المُعلَن من غزو العراق. يُذكر أنَّه في أوَّل يوم لوصولِه في قاعدة عين الأسد غرب العراق تعرَّضوا لهجومٍ واسع بالصواريخ ما أثار الرُّعب في داخله. ويقول «لقد أنفَقْنا تريليونات الدولارات، وقتَلْنا آلاف الأميركيِّين والمزيد من العراقيِّين، وقُمنا بالقضاء على أكبر عددٍ من السكَّان المسيحيِّين في العراق، لكن ذلك لم يضعْ «إسرائيل» إلَّا في وضع مُهدّد بشكلٍ أكبر».
يَنظر فانس للحرب باعتبارها خريطة للدَّمار والمسار الكارثي في تاريخ أميركا، وفي الوقت نَفْسه يُعبِّر عن مخاوفه من المستقبل بسبب وجود المُتسبِّبينَ بتلك الحرب في مفاصل مؤثِّرة في الإدارة الأميركيَّة. يقول إنَّ العديد من الشخصيَّات الَّتي دعمتِ الحرب لا تزال مؤثِّرةً في الحزب الجمهوري.
رغم قِصر تجربته في العراق ومُضي سنوات طويلة على مغادرة العراق إلَّا أنَّه لم يغادرْ تأثيراتها. يقول «غادرتُ إلى العراق في عام 2005، وكنتُ حينَها شابًّا مليئًا بالمثاليَّة، ومُفعمًا بالرَّغبة في نشرِ الديمقراطيَّة والليبراليَّة في الدوَل النَّامية. لكن لدَى عودتي إلى الولايات المُتَّحدة في عام 2006، بدأتُ أُشكِّك في الحرب وفي الأيديولوجيَّة الَّتي تقوم عَلَيْها».
وفي مقالٍ كتَبَه في أواخر العام 2005، يتحدَّث فيه عن عمليَّة إنقاذ لقنَّاص أميركي أُصيب في معركة شرسة، فإنَّه في الواقع يكشف الوَجْه المُشرِق للمقاوَمة العراقيَّة الَّتي تصدَّت للاحتلال الأميركي، في مقاله (روى تفاصيل عمليَّة قامَ بها عناصر «مشاة البحريَّة» لإنقاذِ قنَّاص أميركي أُصيب بجروح، كان قد علقَ وسط معركة بالأسلحة النَّاريَّة، في شمال غرب العراق).
في حال تسلَّمَ فانس ومعه دونالد ترامب السُّلطة في البيت الأبيض، هل سيكشفانِ خفايا الاحتلال الأميركي والوثائق والانتهاكات الأخطر بحقِّ العراق والعراقيِّين وفي جميع المجالات؟
وليد الزبيدي
كاتب عراقي