الأحد 16 مارس 2025 م - 16 رمضان 1446 هـ
أخبار عاجلة

فشل مشروع الأمان فـي الكيان

فشل مشروع الأمان فـي الكيان
الأربعاء - 30 أكتوبر 2024 04:06 م

جودة مرسي

20

سابقًا كانتْ «تل أبيب» تُسمَّى المنطقة الخضراء، وهي بمثابة خط أحمر ضدَّ أيِّ عمليَّة فدائيَّة أو تفجيريَّة، سواء صاروخيَّة، أو طائرة مُسيَّرة تنفجر وتُثير الرُّعب لدَى سكَّان «تل أبيب». حاليًّا تتوالى الأحداث وتتعرضُ «تل أبيب» ومُعْظم مُدُن الأراضي المُحتلَّة إلى القصف والتَّفجير والدَّهس، لِتعلنَ فشل مشروع الكيان المُحتلِّ، وانهيار قوانينه العنصريَّة وأدواته في الرَّدع الَّتي يعتمد عَلَيْها والخاصَّة بالأماكن العازلة أو المُسمَّاة بالخطِّ الأخضر، والمعتمدة على إبعاد مُدُن الكيان عن الصِّراع أو الضَّربات الفدائيَّة، ونقلِ مناطق الصِّراع إلى مناطق أخرى. وفي الأيَّام القليلة الماضية تعرَّضتْ «تل أبيب» للعديدِ من الهجمات، سواء كانتِ المُسيَّرة أو بصواريخ من غزَّة أو من اليمن، إلَّا أنَّ الضَّربة الأخطر والأشد تأثيرًا هي عمليَّة الدَّهس الَّتي قامَ بها الفدائي الشَّهيد الفلسطيني رامي ناطور وهو يحملُ جنسيَّة الكيان المُحتلِّ، وممَّن يُطلَق عَلَيْهم عرب الدَّاخل أو عرب (48)، وجاءت خطورة عمليَّة الدَّهس في عناصرها المتمثِّلة في هُوِيَّة المُنفِّذ، الهدف من التَّنفيذ، الأداة المستخدَمة في التَّنفيذ وهي شاحنة كبيرة، الموقع المختار للتَّنفيذ، النَّتيجة الكبيرة الَّتي أسفَرَ عَنْها الدَّهس.

نتيجة المعطيات والأخبار المنقولة تقولُ إنَّ العمليَّة تمَّتْ ضدَّ مجموعةٍ من جنود الاحتلال كانوا ينتظرون التحرُّك بالحافلة للذَّهاب إلى وحداتهم العسكريَّة، وأدَّى الاصطدام بالحافلة إلى قتل وإصابة أكثر من (70) شخصًا. وفي أخبار أخرى تقول إنَّهم وصلوا للمئة، مِنْهم (5) قتلى والعديد من الإصابات الخطيرة. أمَّا الموقع الَّذي تمَّ اختياره لتنفيذِ عمليَّة الدَّهس فهو من الخطورة الَّتي تُثير قلَق الكيان المُحتلِّ؛ لأنَّ المكان يقعُ بالقرب من بعض الأماكن شديدة الحساسيَّة، فهو بالقرب من القاعدة العسكريَّة جليلوت، ومن شعبة المخابرات العسكريَّة «الإسرائيليَّة» (8200)، وقريب من أحَد مباني الموساد، وهذه العمليَّة تضع سكَّان «تل أبيب» في رُعبٍ وخوف دائم، فضلًا عن كونهم يقضون نصف يومهم في الملاجئ منذُ بدأ الاعتداء على غزَّة والحرب البَرِّيَّة في جنوب لبنان، كما أنَّها تُثبت أنَّ عنصر الخوف انتُزع من قلوبِ الفدائيِّين الَّذين أثارتهم عمليَّات الإبادة الَّتي تتمُّ ضدَّ أهاليهم في غزَّة، وسكوت العالَم على هذه الجرائم، وما يصل إِلَيْهم من مناظر القتل للأطفال والنِّساء والعجائز وسط دمارٍ شاملٍ يُنفَّذ بآلةٍ عسكريَّة دمويَّة همجيَّة لا تعترف بأيِّ قِيَم أو مبادئ إنسانيَّة.

الفوضى الَّتي يعيشها الكيان وسط محاولات مستميتة لإعادة الأمن واستعادة الثِّقة بالنَّفْس والهَيْبة لِما قَبل السَّابع من أكتوبر العام الماضي (طوفان الأقصى)، لم تفلح للآن، ويكفي أنَّ التقارير تقول إنَّ (70%) من مواطني «إسرائيل» لا يَشعرون بالأمن، سواء في المنزل أو العمل أو الشَّارع أو أيِّ تجمُّع رغم الإجرامِ والقتلِ الَّذي يُرتكَب ضدَّ الأبرياء من الشَّعب الفلسطيني لِتَحقيقِ فكرة المناطق العازلة وإبعاد مُدُن الكيان، وخصوصًا «تل أبيب» عن الضَّربات المُوَجَّهة إِلَيْها من الدَّاخل والخارج، وأنَّ الفكرة الَّتي تعتمد على تأمين الكيان وسكَّانه بإبعاد أيِّ شخصٍ غير يهودي؛ لأنَّه غير مكتمل الشُّروط الإنسانيَّة، وعلى الكون أن يخدمَ شَعب الله المختار وينصاعَ لرغباته، هذا المفهوم المترسِّخ في العقليَّة اليهوديَّة انتهَى أمام وضع «تل أبيب» تحت المواجهة هي وباقي المُدُن المُحتلَّة مِثل يافا وحيفا، مع السَّعي الدَّائم لِتَطبيقِ مفهوم المناطق العازلة ونقلِ مناطق الصِّراع إلى مناطق أخرى.

تأثير عمليَّة الدَّهس الَّتي قام بها الشَّهيد رامي ناطور أرعبَ سكَّان «تل أبيب»، وتأثيرها قد يفوقُ تأثير الصَّواريخ القادمة من غزَّة أو اليمن أو الجنوب اللبناني، ويَجِبُ على الكيان المُحتلِّ أن يعْلَمَ جيِّدًا ـ وهو يعْلَم ـ أنَّه لا أمان طالَما ظلَّت الحرب الممنهجة لِتَصفيةِ الشَّعب الفلسطيني وتهجيره خارج أراضيه المُحتلَّة، وأنَّ ما كانَ خطًّا أحمر بالأمس لم يَعُدْ اليوم إلَّا أرضًا حمراء يكسوها الدِّماء انتقامًا لشَعبٍ يتمُّ إبادته بدماءٍ باردة وصَمْتٍ دّولي وعربي وإسلامي مُريب ومؤسَّسات دوليَّة عاجزة.

جودة مرسي

[email protected]

من أسرة تحرير «الوطن »