الجمعة 28 مارس 2025 م - 28 رمضان 1446 هـ
أخبار عاجلة

«بروباجندا» إعلامية قادة وهزالة الضربة

«بروباجندا» إعلامية قادة وهزالة الضربة
الأربعاء - 30 أكتوبر 2024 03:51 م

علي بدوان

20

الضَّربة «العسكريَّة» الهزليَّة الَّتي قامت «إسرائيل» باستهداف إيران من خلالها لَيلة السَّبت الـ(٢٦) من تشرين الأوَّل/أكتوبر ٢٠٢٤م كانتْ نتائجها هزيلةً، وجوابًا (أكثر هزليًّا) لـ»بروباجندا» إعلاميَّة حاولتْ دَولة الاحتلال من خلالها تثبيت قدرات خارقة أمام شعوبنا وأُمَّتنا وأمام شَعبَي لبنان وفلسطين بأنَّها تمتلك الذِّراع الضَّاربة في المنطقة من أقصاها لأقصاها.

فالنَّتائج الهزليَّة، المُضحكة، جاءتْ أيضًا نتيجة عدَّة أسباب مُجتمعة. وتأكَّد من خلالها الآتي :

أوَّلًا: إنَّها ردٌّ هزيلٌ جدًّا جدًّا. وأشْبَه بمحاولة إطلاق رصاص (خلبي) معطوب والَّذي يُسمَّى بالجيوش بالرصاص الـ(فشنك).

ثانيًا: واشنطن أسهَمَتْ بالتَّطبيل والتَّزمير عَبْرَ أدواتها وإعلامها بشأن توجيه ضربةٍ لإيران لِتَحفظَ ماء وَجْهِ نتنياهو فقط. لكنَّها فعليًّا كانتْ وما زالتْ ضدَّ أيِّ عملٍ عسكري حقيقي؛ لأنَّه يتطلَّب مِنْها مشاركةً فعَّالة؛ وبالتَّالي توسيع إطار النَّار في المنطقة وما سيُلقيه عَلَيْها من متاعبَ كُبرى، وهي بغنًى عن المشاركة مباشرة بسلاح الجوِّ (طائرات إرضاع جوِّي تحمل الكيروسين لتزيدَ المقاتلات «الإسرائيليَّة» جوًّا بالوقود) أو غيره بحروبٍ جديدة.

ثالثًا: إنَّ أمثلةً عديدة طازجة وقَعتْ خلال العَقْدِ الأخير، تؤكِّد أنَّ واشنطن لا تريدُ مواجهات تكُونُ طرفًا عسكريًّا فيها بالطَّائرات أو القوَّات أو غيرها. ومثالُنا المباشر هُنَا يتمثَّل بأوكرانيا حيث تخوض الولايات المُتَّحدة الصِّراع مع روسيا عَبْرَ أوسع الأبواب وعلى كُلِّ الجبهات، وعَبْرَ أوكرانيا وبفواتير ماليَّة باهظة أوروبيَّة خالصة. ومُهِمَّة واشنطن توفير غطاء سياسي ودبلوماسي للحربِ فقط. والاستثمار السِّياسي فيها في مواجهةِ موسكو وحتَّى بكين.

رابعًا: بالواقع الملموس. «إسرائيل» لا تستطيع أن ترفعَ حجرًا عن الأرض من مكانٍ إلى مكان دُونَ إرادة وإشارة وموافقة واشنطن. لذلك جاءتِ العمليَّة العسكريَّة الصهيونيَّة ضدَّ إيران لدرجةٍ من الهزال والتَّهافت، ولِتحفظَ شيئًا من الحضور لنتنياهو أمام مُجتمعه الَّذي يتظاهر ضدَّه كُلَّ يوم، وخصوصًا عصابات الاستيطان والتَّهويد ومجموعاتها المُنفلتة.

خامسًا: من السَّهل على إيران امتصاص أيِّ ضربةٍ عسكريَّة مهما كانت قوَّتها، فهي دَولة إقليميَّة أساسيَّة ذات قوَّة اقتصاديَّة وعسكريَّة ومترامية الأطراف وتتحمَّل الضَّربات. وهذا ما تُدركه واشنطن. لذلك ستؤولُ الأمور عِندها ومسارات الأحداث بالنِّهاية لمزيدٍ من التَّعقيد بوَجْهِ مشاريع واشنطن المتعلِّقة بلبنان وقِطاع غزَّة حال القيام بالمشاركة بعمليَّة عسكريَّة جديَّة ضدَّ طهران.

هذا في التَّلخيص المُكثَّف لِمَا وقَعَ. وبالاستناد إِلَيْه. امتلأتْ صفحاتُ المطبوعاتِ «الإسرائيليَّة» الصَّادرة في «تل أبيب» صباح اليوم التَّالي بتوجيه النَّقد اللَّاذع لنتنياهو على تهوُّرِه في معارك هوائيَّة بدلًا من حلِّ صفقة الأسرى ووقف النَّار على جبهة الشَّمال، حيث باتَتْ مستعمَرات الجليل شِبْه فارغة إمَّا هروبًا أو بالملاجئ.

وهناك آراء مجموعة من الكُتَّاب الموتورين من أقطاب الوحشيَّة الفاشيَّة في كيان الاحتلال، الَّذين صُدموا بهزالة العمليَّة العسكريَّة. وانتقدوا نتنياهو وأركانه وجنرالاته؛ لأنَّهم لم ينفِّذوا عمليَّة عسكريَّة واسعة ضدَّ طهران.

على كُلِّ حال، يبقَى القول بأنَّ العدوان الصهيوني على إيران يأتي في سياق العدوان الاستعماري الشَّامل على شعوب المنطقة من فلسطين إلى لبنان، ففشل في تحقيق أهدافه، وإيران كرَّستْ حضورها وموقفها كرادعٍ دفاعًا عن شَعبها وترابها وأمني الوطني.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك

[email protected]