السبت 09 أغسطس 2025 م - 15 صفر 1447 هـ

الاقتصاد الأزرق الوجهة الجديدة للاستثمار والتنويع الاقتصادي

الاقتصاد الأزرق الوجهة الجديدة للاستثمار والتنويع الاقتصادي
الثلاثاء - 29 أكتوبر 2024 04:46 م

محمود بن سعيد العوفي

50

يشكّل الاقتصاد الأزرق إحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في سلطنة عُمان، حيث يقوم على الاستفادة من الثروات البحرية والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها مع الحفاظ على البيئة البحرية والموارد الطبيعية، وضمن رؤية عمان 2040، حيث تسعى سلطنة عُمان إلى تعزيز دور الاقتصاد الأزرق عبر تطوير قطاعات مثل الصيد البحري المستدام، تربية الأحياء المائية، السياحة البحرية، النقل البحري، والطاقة المتجددة من المحيطات.

تتمتع سلطنة عُمان بسواحل طويلة تطل على بحر العرب والخليج العربي، مما يتيح لها فرصا كبيرة لاستغلال الموارد البحرية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. يأتي هذا في إطار التوجه نحو تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، حيث يفتح الاقتصاد الأزرق آفاقًا جديدة للاستثمار في قطاعات واعدة تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي.

تسعى الحكومة إلى جذب الاستثمارات المحلية والدولية في الاقتصاد الأزرق عبر حوافز وسياسات داعمة، وتوفير بنية أساسية متطورة في المناطق الاقتصادية الخاصة، المناطق الحرة، والمدن الصناعية، ويُعد تطوير الموانئ والمناطق الصناعية الساحلية عنصرًا أساسيًا في دعم التجارة والخدمات اللوجستية البحرية، حيث يُساهم ميناء الدقم بشكل خاص في تحقيق عائدات سنوية تصل إلى 1.5 مليار دولار أمريكي، ما يعزز مكانة سلطنة عُمان في الشحن البحري الإقليمي والدولي، لاسيما مع عبور 30% من حركة النفط العالمية عبر موانئها. وتعزز سلطنة عُمان جهودها في الابتكار والاستدامة عبر الاستثمار في مراكز أبحاث متخصصة في العلوم البحرية، مما يسهم في تطوير تقنيات حديثة تُدعم الاقتصاد الأزرق. وتخطط السلطنة لاستثمار 30 مليار دولار أمريكي (11.55 مليار ريال عماني) في مشاريع الطاقة المتجددة بحلول عام 2040، بهدف إنتاج 25 جيجاوات من الطاقة النظيفة، لا سيما في مشروع الدقم للطاقة. كما تلتزم سلطنة عُمان بالمعايير البيئية الدولية من خلال برامج لحماية الحياة البحرية وتقليل التلوث، ما يعزز صورتها كمركز للاستثمارات المستدامة، حيث يمكن للمستثمرين تحقيق أرباح مع الالتزام بمعايير المسؤولية البيئية. من المتوقع أن يساهم الاقتصاد الأزرق في دعم الاقتصاد الوطني عبر إيجاد فرص عمل جديدة للشباب وتعزيز الأمن الغذائي من خلال تنمية قطاعي الصيد البحري وتربية الأحياء المائية، حيث يُسهم قطاع الصيد البحري بما يعادل 6% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، ويوفر فرص عمل لحوالي 40 ألف شخص، مع إنتاج سنوي يبلغ 300 ألف طن من الأسماك. أما السياحة البحرية، فقد شهدت نموًا ملحوظًا، حيث سجلت السياحة البيئية زيادة سنوية تجاوزت 10%، مسهمة بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مع توفير فرص عمل جديدة في هذا القطاع.

ختامًا، يمثل الاقتصاد الأزرق مسارًا استراتيجيًا نحو تحقيق التنويع الاقتصادي في سلطنة عُمان، حيث يُعزز التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. من خلال استثمار ثرواتها البحرية بشكل مستدام ومبتكر، وترسيخ مكانتها كرائدة في الاقتصاد الأزرق، ما يضمن مستقبلًا اقتصاديًا مرنًا ومتنوعًا للبلاد.

محمود بن سعيد العوفي

كاتب عماني