الجمعة 18 أكتوبر 2024 م - 14 ربيع الثاني 1446 هـ
أخبار عاجلة

شق صدر الرسول «عليه الصلاة والسلام» «3»

الأربعاء - 16 أكتوبر 2024 04:41 م

أيها القراء الكرام.. ما زلنا مع حوادث شق صدر رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، والحقيقة أن قصص شق صدر الرسول لا شك أنها تشير إلى تعهد ربنا سبحانه تعالى نبيّه محمد (صلّى اللَّه عليه وسلّم) حفظًا له وحتى لا ينزلق في مزالق الطبائع الإنسانية الفطرية، وذلك من هوى النفس ووساوس الشيطان، فكان شق الصدر بمثابة تحصين للرسول الكريم التي أضفاه اللَّه تبارك وتعالى عليه، ولما كان رسولنا محمد (صلّى اللَّه عليه وسلّم) هو خاتم الأنبياء والمرسلين، فقد أراد سبحانه أن يجعله المثل الأعلى والأكمل والقدوة الحسنة، فكان (عليه الصلاة والسلام) مثالًا قويًّا للإنسان المتكامل، الّذي أيد بالكمال الخلقي وزين بطهارة القلب، وصفاء النفس، ونقاء السريرة، وتأملنا حالة مكة وقتما شبّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وسلّم) لوجدناها تعجّ بأنواع كثيرة من اللهو والفساد، والملذات الشهوانية الدنسة، فضلًا عن عبادة الأصنام والأوثان، إلى غير ذلك من أمور الجاهلية التي كانت في مكة، ولا عجب فهو مجتمع جاهلي، يقول ابن حبان:(كان ذلك له فضيلة فضّل بها على غيره، وإنه من معجزات النبوة، إذ البشر إذا شقّ عن موضع القلب منهم، ثم استخرج قلوبهم ماتوا)، وإذا كان هذا بإذن من علّام الغيوب فلا شك أن من يفعل به هذا من قبل ملائكة الرحمن فلن يموت، والمرة الثالثة التي شق صدره فيها ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ كانت عند المبعث، فقد روى أبو داود الطيالسي والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما، والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل، عن عائشة ـ رضي اللَّه تعالى عنها ـ أن النبي (صلّى الله عليه وسلم) نذر أن يعتكف شهرًا هو وخديجة، فوافق ذلك شهر رمضان فخرج ذات ليلة فسمع: السلام عليك، قال: فظننت أنها فجاءة الجن، فجئت مسرعًا حتى دخلت على خديجة فقالت: ما شأنك؟ فأخبرتها فقالت: أبشر فإن السلام خير، ثم خرجت مرة أخرى فإذا أنا بجبريل على الشمس له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب فهلت منه فجئت مسرعًا فإذا هو بيني وبين الباب فكلمني حتى أنست منه ثم وعدني موعدًا فجئت له فأبطأ علي فأردت أن أرجع فإذا أنا به وبميكائيل قد سد الأفق فهبط جبريل وبقي ميكائيل بين السماء والأرض، فأخذني جبريل فألقاني لحلاوة القفا ثم شق عن قلبي فاستخرجه ثم استخرج منه ما شاء اللَّه أن يستخرج ثم غسله في طست من ماء زمزم ثم أعاده مكانه ثم لأمه ثم أكفأني كما يكفأ الإناء ثم ختم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي).. وذكر الحديث (أخرجه أبو نعيم في الدلائل 171)، وأكد هذا صاحب (ألفية السيرة النبوية ـ نظم الدرر السنية الزكية، ص: 36) فقال:(وأما المرّة الثالثة: فقد شق صدره الشريف عند مجيء جبريل ـ عليه السلام ـ بالوحي حين نبّىء)، وذكر صاحب (إمتاع الأسماع 3/‏ 32) ولأبي داود الطيالسي من حديث عمار بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة ابن الزبير عن أبي ذر الغفاريّ ـ رضي اللَّه عنه ـ قال: قلت يا رسول اللَّه! كيف علمت أنك نبي؟ وبما علمت حتى استيقنت؟ قال: يا أبا ذر، أتاني آتيان وأنا ببطحاء مكة، فوقع أحدهما بالأرض والآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما للآخر: أهو هو؟ فقال: فزنه برجل، فوزنني برجل فرجحته، ثم قال: زنه بعشرة، فوزنني بعشرة فرجحتهم، ثم قال: زنه بمائة، فوزنني بمائة فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف، فوزنني بألف فرجحتهم، ثم جعلوا يتساقطون على كفة الميزان، ثم قال أحدهما لصاحبه: شقّ بطنه، فشقّ بطني فأخرج قلبي، فأخرج منه مغمز الشيطان، وعلق الدم فطرحهما، فقال أحدهما لصاحبه: اغسل بطنه غسل الإناء، واغسل قلبه غسل الملأ، ثم قال أحدهما لصاحبه: خط بطنه فخاط بطني وجعل الخاتم بين كتفي كما هو الآن ووليّا عني وكأني أعاين الأمر معاينة، وفي رواية: لو وزنته بأمته لرجحهم، وقال: واغسل قلبه غسل الماء، ثم أتيت بسكينة وهرهرة بيضاء فأدخلت قلبي).. فاللهم صلى على من شرحت قلبه ونورت دربه.. وإلى اللقاء مع المرة الرابعة.

محمود عدلي الشريف

 [email protected]