يؤدِّي الابتكار والبحث العلمي دَوْرًا مُهمًّا في تحقيقِ التَّنميةِ الاقتصاديَّة المستدامة، حيث يُعَدُّ إحدى أهمِّ الأدوات الَّتي تعتمدُ عَلَيْها الدوَل، سواء كانت متقدِّمة أو نامية، في تحقيقِ نُموِّ وتنويعِ الاقتصاد الوطني، وخلقِ الفرص الوظيفيَّة عالية المستوَى في قِطاعات التِّقنية المتقدِّمة، من خلال استحداث آلاف الوظائف النَّوْعيَّة عالية القِيمة في العلوم والتِّقنية والابتكار، وغيرها من فرصِ العمل في القِطاعات المرتبطة وما أكثرها. لذا تحرص جميع الدوَل على تطوير قِطاع البحثِ والابتكار لزيادة قوَّته وقِيمته؛ لِتكُونَ من الدوَل العالَميَّة الرَّائدة في الابتكار، من خلال زيادة الإنفاق على قِطاع البحثِ والتَّطوير والابتكار، لِتَعودَ ثمار ذلك الإنفاق على قوَّة الاقتصاد الوطني ورفع النَّاتج المحلِّي وتوفير فرص وظيفيَّة جديدة.
لقد أضحَى الابتكار المُكوِّن الرَّئيس والأساس الَّذي تعتمد عَلَيْه أغْلْبُ دوَل العالَم إن لم يكُنْ جميعها في تحقيق النَّجاح والازدهار الاقتصادي، فهو وسيلةٌ تتَّخذها مُعْظم الدوَل النَّاجحة في سبيل تحقيق قفزات تنمويَّة، لدرجة أنَّ الابتكار أصبحَ إحدى الرَّكائز الاثنتي عشرة في تعزيز التَّنافسيَّة العالَميَّة، والمُحرِّك الرَّئيس للنُّموِّ الاقتصادي والتَّنمية التكنولوجيَّة في الأسواق العالَميَّة، كما أصبحَ البحث العلمي والابتكار المصدرَ الأوَّل للتَّنمية الاقتصاديَّة في دوَل العالَم، ويُعَدُّ من أهمِّ العناصر الَّتي تساعد على تحقيق أهداف رؤية «عُمان 2040»، الَّتي تُعَوِّل عَلَيْها سلطنة عُمان في تحقيق التَّنمية المستدامة الَّتي تتَّسم بالتَّنويع الاقتصادي، لذلك تحرص على الاهتمام بالابتكارات والتَّطوُّر التِّقني والتكنولوجي، وتوطين أدوات الثَّورة الصِّناعيَّة الرَّابعة، وهو ما يتَّضح من خلال التَّقدُّم في مؤشِّر التَّنافسيَّة العالَميَّة، حيث تسعَى أن تكُونَ واحدةً من روَّاد الابتكار في العالَم. وتأكيدًا على تلك المساعي والجهود الَّتي تبذلُها سلطنة عُمان في مجال البحثِ العلمي والابتكار، فقد حصلتِ السَّلطنة على المرتبة الـ(74) عالَميًّا في مؤشِّر الابتكار العالَمي لعام 2024 من بَيْنِ (133) دَولةً تمَّ تقييمها وفق (7) ركائز، مُحقِّقةً أعلى أداءٍ لهَا في ركيزتَي الرَّأسمال البَشَري والبحوث والبنية الأساسيَّة. وأشار التَّقرير الصَّادر عن المنظَّمة العالَميَّة للملكيَّة الفكريَّة إلى تقدُّم سلطنة عُمان في مدخلات الابتكار لِتصلَ للمرتبة الـ(59) عالَميًّا بمعدَّل (6) مراتب، كما جاءت ضِمْنَ أفضل (20) دَولةً عالَميًّا في ثلاثة مؤشِّرات فرعيَّة، وهي سياسات ممارسة الأعمال وحلَّت في المرتبة الـ(12) عالَميًّا، والثَّانية عالَميًّا في نسبة الخرِّيجِين في العلوم والهندسة، والـ(16) عالَميًّا في إنتاج الكهرباء(جيجاواط/ساعة) لكُلِّ مليون نسمة. وتأكيدًا على الجهد الَّذي تبذلُه الجهات الحكوميَّة في السَّلطنة على هذا الصَّعيد، فقد تقدَّمت في (22) مؤشِّرًا فرعيًّا، مِنْها تقدُّمها (17) مرتبةً في مؤشِّر واردات خدمات تقنيَّة المعلومات والاتِّصالات من إجمالي التِّجارة، و(13) مرتبةً في مؤشِّر العلامة التِّجاريَّة العالَميَّة (5000) بالمئة من النَّاتج المحلِّي، و(12) مرتبةً في مؤشِّر فعاليَّة الحكومة، كما تقدَّمت السَّلطنة (11) مرتبةً في مؤشِّر سياسات وثقافة ريادة الأعمال، و(10) مراتب في مؤشِّر الإنتاج وتعقيد التَّصدير، و(10) مراتب في مؤشِّر سُوق التَّرفيه والإعلام/ ألف نسمة ضِمْن الفئة العمريَّة (16-69) بمعدَّل، و(9) مراتب في مؤشِّر التَّعاون البحثي بَيْنَ الصِّناعة والجامعات، ما يؤكِّد أنَّ تلك الجهود تَسير نَحْوَ تعظيم الاعتماد على البحث العلمي والابتكار وتحقيق الأهداف المنشودة.